هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في ذكر العام]

صفحة 598 - الجزء 2

  الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ١٣ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ١٤}⁣[الانفطار]، وكقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ٣٤}⁣[التوبة]، هل يبقى على عمومه أم لا؟

  (و) المختار وعليه الجمهور: أن (تضمنه مدحاً أو ذماً لا يقدح في عمومه لعدم التنافي) بين المدح والذم وبين التعميم⁣(⁣١)؛ لأن قصد المبالغة في مقام الحث على الفعل والزجر عنه لا ينافي العموم، واللفظ عام بصيغته وضعاً، فوجب التعميم عملاً بالمقتضي السالم عن المعارض.

  ونقل عن الشافعي | المنع من عمومه⁣(⁣٢) حتى أنه منع من التمسك بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ ...} الآية في وجوب زكاة الحلي؛ مصيراً منه إلى أن العموم لم يقع مقصوداً في الكلام، وإنما سيق الكلام للذم لا لإيجاب الزكاة في كل ذهب وفضة.

  وقد (قيل) في الاحتجاج له: إنما (سيق) الكلام للمدح أو الذم بلفظ العموم قصداً (للمبالغة) فيهما (وذكر العام بلا تعميم أبلغ⁣(⁣٣)) أي: أدخل في المبالغة في


(١) في عين النزاع، فإن الخصم يزعم أن قصد المدح أو الذم ينافي قصد عموم الحكم وإن كان اللفظ عاماً بصيغته؛ لما أن المقصود من إيراد مثله المنع عما الذم لأجله على وجه المبالغة، فلو ثبت العموم فات معنى الذم.

(٢) وفي الجمع ما لفظه: والأصح تعميم العلم بمعنى المدح والذم إذا لم يعارضه عام آخر. قال شارحه المحلي: مثاله ولا معارض: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ١٣ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ١٤}⁣[الانفطار]، ومع المعارض: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ٥ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}⁣[المؤمنون]، فإنه وقد سيق للمدح يعم بظاهره الأختين بملك اليمين جمعاً، وعارضه في ذلك: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}⁣[النساء: ٢٣]، فإنه وإن لم يسق للمدح شامل لجمعهما بملك اليمين، فحمل الأول على غير ذلك؛ بأن لم يرد تناوله له أو أريد ورجح الثاني عليه بأنه محرم.

(٣) أي: بلا قصد للعموم. اهـ وفي شرح جحاف: أي سوق الكلام للمدح أو الذم يشعر بالتجوز والتوسع وأن يذكر العام ولم يرد العموم مبالغة وإغراقاً.

(*) أقول: فيه بحث؛ لأن الأبلغ إن كان مشتقاً من المبالغة كما هو الظاهر من الكلام فظاهر أن المبالغة لم =