هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في ذكر العام]

صفحة 607 - الجزء 2

  عليه⁣(⁣١)» رواه الطبراني في معجمه الكبير عن ثوبان، وله شاهد صحيح رواه ابن ماجه بسند جيد، وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وقال: إنه على شرط الشيخين، فإن ظاهره يقتضي نفيهما بالكلية عن جميع الأمة، لكنه يفضي إلى الكذب في كلام الرسول ÷؛ للقطع بصدورهما من الأمة، فلا بد⁣(⁣٢) من إضمار حكم يمكن نفيه من الأحكام الدنيوية أو الأخروية، كالعقوبة والضمان والذم والقضاء إلى غير ذلك⁣(⁣٣).

  احتج الأولون بما أشار إليه بقوله: (للاستغناء عن إضمارها) وتقريره بأن يقال: لو أضمر الجميع لأضمر مع الاستغناء، واللازم باطل.

  أما الملازمة فلأن الحاجة تندفع بالبعض دون الآخر فكان الآخر مستغنى عنه، وأما بطلان اللازم فلأن الإضمار لما كان للضرورة وجب أن يقدر⁣(⁣٤) بقدرها.


(١) عبارة المختصر: ومثل بقوله ÷: «رفع ... إلخ». وفي شرحه: وقد ذكر في مثاله قوله ÷: «رفع ... إلخ»، قال المحقق الأبهري على هذا ما لفظه: وهاتان العبارتان يعني عبارة المتن والشرح مشعرتان بأن هذا الحديث ليس من باب المقتضي؛ لأن العلماء عدوا الاقتضاء من قبيل المفهوم، وهو ما يثبت بتبعية المنطوق، فيجب أن يكون كلاهما مرادين، وليس رفع الخطأ والنسيان مراداً في الحديث، بل هو من قبيل الإضمار والحذف، أي: مما حذف فيه المضاف بقرينة وأقيم المضاف إليه مقامه، وكذا نحو قوله: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}⁣[يوسف: ٨٢]، وكذا نحو: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}⁣[النساء: ٢٣]، مما أسند فيه الحكم إلى الذات والمراد إسناده إلى فعل يتعلق بها، وسيجيء في باب المجمل. ومن عد الحديث من باب الاقتضاء قال: لا بد من تقدير أمر فيه لصدق كلام الرسول ÷، وذلك الأمر ما يتعلق بهما من الأحكام الدنيوية كالعقوبة والضمان والأخروية كالحساب والعقاب وغيرهما من الإثم والندامة ووقوع الطلاق حيث قال: إن كلمت زيداً فزينب مني طالق فكلمه ناسياً، والحنث والكفارة في القتل والوقاع، فمن قال: لا عموم للمقتضى اكتفى بتقدير واحد من هذه الأمور غير الضمان في إتلاف مال الغير مخطئاً وغير الكفارة في قتل النفس خطأ للنص على وجوبها، ومن قال بوجوبه أضمر إضمارات متعددة أو قدر أمراً عاماً يعمها، ويخص منها الكفارة والضمان، أي: حكم الخطأ والنسيان، فإن الحكم جنس مضاف يقتضي العموم. (من حاشيته على العضد).

(٢) قال الرازي في المحصول ما لفظه: لا بد وأن نقول: المراد رفع عن أمتي حكم الخطأ والنسيان، ثم الحكم قد يكون في الدنيا كإيجاب الضمان وقد يكون في الآخرة كرفع التأثيم.

(٣) من الحسرة والندامة في العقبى.

(٤) ولا ضرورة في غير الحكم الواحد، فبقي على الأصل، وللمخالف أن يقول: ليس إضمار أحد الحكمين أولى من الآخر، وأما أن لا تضمر حكماً أصلاً وهو غير جائز، أو تضمر الكل وهو المطلوب. (عضد).