[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  الضيف، ومنه: كان النبي ÷ أجود الناس ... الحديث(١).
  وتجيء لمجرد الفعل من غير تكرار قليلاً، نحو: كان النبي ÷ يقف بعرفات عند الصخرات، وقول عائشة: كنت أطيب النبي ÷ لحله وحرمه(٢)، ولم يقع وقوفه بعرفة وإحرامه وعائشة معه إلا مرة.
  ومنه: ما في سنن أبي داود بسند صحيح عن عروة عن عائشة وهي تذكر شأن خيبر: كان النبي ÷ يبعث عبدالله بن رواحة إلى يهود خيبر فيخرص النخل، فهذا لا يمكن فيه التكرار؛ لأن خيبر كان سنة سبع، وعبدالله بن رواحة قتل في غزوة مؤتة(٣) سنة ثمان. انتهى كلام ابن دقيق العيد(٤).
  وقد تحصل من جميع ما ذكرناه غير ما في المحصول شياع إفادتها التكرار والاستمرار، فلا يعدل عنه من غير قرينة.
(قوله): «قليلا» قد يقال: ذلك مجاز لقرينة، فينظر، وقد أشار المؤلف # إلى هذا في آخر الكلام بقوله: فلا يعدل عنه من غير قرينة.
(١) أخرجه البخاري من حديث ابن عباس ® قال: كان النبي ÷ أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل #، وكان جبريل # يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله ÷ أجود بالخير من الريح المرسلة.
(٢) الحرم بضم الحاء وسكون الراء. (نهاية).
(٣) في القاموس: مؤتة - بالضم - موضع بمشارق الشام قتل فيه جعفر بن أبي طالب، وفيه كان تعمل السيوف.
(٤) وفي المنتقى في باب جواز مصالحة المشركين على المال وإن كان مجهولاً: أخرجه عن ابن عمر البخاري بطوله، وفيه: وكان عبدالله بن رواحة يأتيهم في كل عام فيخرص عليهم، فقوله: «في كل عام» يشكل مع ما ذكره الحافظ ابن دقيق العيد فينظر فيه. (من خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد).
(*) في شرح ألفية البرماوي بعد حكاية هذا الكلام من قوله: قيل ومنشأ الخلاف ما لفظه: واعلم أن هذا الخلاف غير خلاف النحاة في أن «كان» هل تدل على الانقطاع أو لا، اختار ابن مالك الثاني، ورجح أبو حيان الأول. وإنما قلنا: إنه غيره لأنه لا يلزم من التكرار عدم الانقطاع، فقد يتكرر الشيء ثم ينقطع. نعم، يلزم بالضرورة من عدم الانقطاع التكرار، لكن لا قائل به.