هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 614 - الجزء 2

  الضيف، ومنه: كان النبي ÷ أجود الناس ... الحديث⁣(⁣١).

  وتجيء لمجرد الفعل من غير تكرار قليلاً، نحو: كان النبي ÷ يقف بعرفات عند الصخرات، وقول عائشة: كنت أطيب النبي ÷ لحله وحرمه⁣(⁣٢)، ولم يقع وقوفه بعرفة وإحرامه وعائشة معه إلا مرة.

  ومنه: ما في سنن أبي داود بسند صحيح عن عروة عن عائشة وهي تذكر شأن خيبر: كان النبي ÷ يبعث عبدالله بن رواحة إلى يهود خيبر فيخرص النخل، فهذا لا يمكن فيه التكرار؛ لأن خيبر كان سنة سبع، وعبدالله بن رواحة قتل في غزوة مؤتة⁣(⁣٣) سنة ثمان. انتهى كلام ابن دقيق العيد⁣(⁣٤).

  وقد تحصل من جميع ما ذكرناه غير ما في المحصول شياع إفادتها التكرار والاستمرار، فلا يعدل عنه من غير قرينة.


(قوله): «قليلا» قد يقال: ذلك مجاز لقرينة، فينظر، وقد أشار المؤلف # إلى هذا في آخر الكلام بقوله: فلا يعدل عنه من غير قرينة.


(١) أخرجه البخاري من حديث ابن عباس ® قال: كان النبي ÷ أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل #، وكان جبريل # يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله ÷ أجود بالخير من الريح المرسلة.

(٢) الحرم بضم الحاء وسكون الراء. (نهاية).

(٣) في القاموس: مؤتة - بالضم - موضع بمشارق الشام قتل فيه جعفر بن أبي طالب، وفيه كان تعمل السيوف.

(٤) وفي المنتقى في باب جواز مصالحة المشركين على المال وإن كان مجهولاً: أخرجه عن ابن عمر البخاري بطوله، وفيه: وكان عبدالله بن رواحة يأتيهم في كل عام فيخرص عليهم، فقوله: «في كل عام» يشكل مع ما ذكره الحافظ ابن دقيق العيد فينظر فيه. (من خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد).

(*) في شرح ألفية البرماوي بعد حكاية هذا الكلام من قوله: قيل ومنشأ الخلاف ما لفظه: واعلم أن هذا الخلاف غير خلاف النحاة في أن «كان» هل تدل على الانقطاع أو لا، اختار ابن مالك الثاني، ورجح أبو حيان الأول. وإنما قلنا: إنه غيره لأنه لا يلزم من التكرار عدم الانقطاع، فقد يتكرر الشيء ثم ينقطع. نعم، يلزم بالضرورة من عدم الانقطاع التكرار، لكن لا قائل به.