هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في ذكر العام]

صفحة 613 - الجزء 2

  مستحقاً للوجود في الماضي من الزمان، وتجعل من بعد أنه يقتضي وجوداً دائماً في الماضي من الزمان⁣(⁣١). وإذا فهم الاستمرار منه فالأقرب أنه (يفيد في الثاني) وهو كان يجمع (عموم الأزمان) وكونه من لفظ الراوي لا يقدح في ذلك؛ لأن الفرض أنه عدل عارف، فيعم جمع التقديم والتأخير والجمع في سفر النسك وغيره.

  قيل: ومنشأ الخلاف في هذا الطرف من هذه المسألة أنَّ كان هل تقتضي التكرار أو لا.

  وبالأول جزم القاضي أبو بكر فقال: إن قول الراوي كان ÷ يفعل كذا يفيد في عرف اللغة تكثير الفعل وتكريره، قال تعالى: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ}⁣[مريم: ٥٥]، أي: يداوم على ذلك.

  وكذا قال القاضي أبو الطيب من الشافعية، وجرى عليه ابن الحاجب إلا أنه قال ما معناه: إنه لا يلزم من التكرار العموم، واختار في المحصول الثاني⁣(⁣٢)، فإن دل دليل خارجي على التكرار عمل به، وإلا فلا.

  وقال ابن دقيق العيد: إنها تدل على التكرار كثيراً كما يقال: كان فلان يقرئ


(قوله): «يفيد في الثاني عموم الأزمان» لو قيل: الاستمرار يفيد وقوع أحد الجمعين مستمراً إما التقديم أو التأخير لا عموم الجمعين فلا يعم الأزمان⁣[⁣١] لم يكن بعيداً، وبهذا تستقيم⁣[⁣٢] عبارة المؤلف # من غير قصر على الفعل فقط فتأمل.

(قوله): «يفيد في عرف اللغة تكثير الفعل» ذكر في الحواشي أن المفيد للاستمرار هو لفظ المضارع، وكان للدلالة على مضي ذلك المعنى؛ إذ لو قيل: «كان قد جمع» لم يفهم التكرار، فالمداومة في قوله تعالى: {وَكَانَ يَأْمُرُ}⁣[مريم: ٥٥]، من لفظ المضارع لا من كان.

(قوله): «إلا أنه قال ما معناه: أنه لا يلزم من التكرار العموم» لم يظهر لي هذا من كلامه، والله أعلم.

(قوله): «وقال ابن دقيق العيد» ذكره في شرح العمدة.


(١) وهذا صريح في أن «كان» تقتضي الاستمرار ولا يفهم الانقطاع إلا من دليل خارج. (جواهر).

(٢) صحح في المحصول أنها لا تقتضيه عرفاً ولا لغة، وقال عبدالجبار: تقتضيه في العرف لا في اللغة؛ فإنه لا يقال في العرف: «كان فلان يتهجد» إذا تهجد مرة. (من شرح أبي زرعة).


[١] وتقرير عموم الأزمان عند من يقول به كالمؤلف # أن مثل قوله: «كان يجمع بين الصلاتين» يعم كل وقت يصلح للجمع، فيشمل جمع التقديم والتأخير، هكذا قرره في الفواصل. (عن خط السيد أحمد بن الحسن بن إسحاق ح).

[٢] قوله: «وبهذا تستقيم ... إلى قوله: فتأمل» هو نسخة.