هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في ذكر العام]

صفحة 618 - الجزء 2

  لفظ تتشابه دلالته بالإضافة إلى مسميات، فالتمسك بالمفهوم والفحوى ليس بتمسك بلفظ، بل بسكوت، فإذا قال: «في سائمة الغنم زكاة» فنفي الزكاة عن المعلوفة ليس بلفظ حتى يعم اللفظ أو يخص.

  وقوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}⁣[الإسراء: ٢٣] دل على تحريم الضرب لا بلفظ المنطوق به حتى يتمسك بعمومه، وقد ذكرنا أن العموم للألفاظ لا للمعاني والأفعال. انتهى⁣(⁣١).

  إلا أن من يقول بأن العموم من عوارض الألفاظ خاصة ربما يقول بعموم المفهوم بناء على أن المفهوم ملحوظ يوجه إليه القصد عند التلفظ بالمنطوق، وربما يقول بعدم عمومه بناء على أنه مسكوت عنه غير ملتفت إليه قصداً؛ إذ حصوله إنما هو بتبعية ملزومه المنطوق⁣(⁣٢) كما تقرر⁣(⁣٣) في مسألة: «لا آكل».


(قوله): «إلا أن من يقول ... إلخ» استدراك على إطلاق القول بأن الخلاف معنوي، مبني على أن العموم من عوارض الألفاظ أو ليس من عوارضها، حاصله أنه معنوي لا لأنه مبني على ذلك، بل على ما ذكره في شرح المختصر من أن العموم ملحوظ للمتكلم بمنزلة المعبر عنه بصيغة عموم حتى يحتمل أن يراد بها البعض أو ليس بملحوظ بل لازم عقلي يثبت تبعاً لملزومه لا يتجزأ في الإرادة فلا يحتمل أن يراد البعض، كما سبق في لا آكل أنه مما قدر له مفعول عام محتمل أن يقصد به البعض أو هو لنفي حقيقة الأكل والمفعول محذوف لا يلحظ فلا يتجزأ في الإرادة، ذكره في شرح المختصر وحواشيه، فتحصل أن المؤلف # أشار إلى ثلاثة أقوال: ما ذكره ابن الحاجب من كون النزاع لفظياً، وكونه معنوياً مبنياً على ما ذكره ونقله عن الغزالي، وكونه معنوياً مبنياً على ما ذكره شارح المختصر.

(قوله): «مسكوت عنه غير ملتف إليه» ينظر هل يلزم⁣[⁣١] من هذا نفي المفهوم؟ وعبارة شرح المختصر: أو غير ملحوظ بل حصل بالالتزام تبعاً لثبوت ملزومه.


(١) وعلى هذا فالخلاف معنوي عائد إلى قبول التخصيص وعدمه، فلو قال: «في سائمة الغنم زكاة» ودل دليل على أن المعلوفة للتجارة فيها الزكاة فهو عند الجمهور تخصيص لعموم المفهوم المتناول لجميع صور المسكوت عنه، وعند الغزالي ليس بتخصيص؛ لأنه فرع العموم، وهو منتف في المفهوم، فلا إخراج. (شرح جحاف).

(٢) لا لتعرض اللفظ له. اهـ أبهري.

(٣) حيث بنى على أنه إذا كان المفعول محذوفاً لا يلحظ عند الذكر فلا عموم له ولا يتجزأ بحسب الإرادة.


[١] الظاهر أنه لا يلزم، وقد أشار إلى هذا المؤلف # بقوله: قصداً. (ح عن خط شيخه).