[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  عليه بطلان القول بعدم مشاركتهم على الإطلاق لا القول بعدم مشاركتهم(١) بذلك الخطاب فإنه محل النزاع.
  وإن أردتم به: لما شاركنهم في الأحكام على الإطلاق فالملازمة ممنوعة؛ لجواز أن تكون المشاركة بدليل خارجي(٢) عن ذلك الخطاب من نص أو إجماع أو قياس. والقول(٣) بأن الأصل عدم الخارج كلام على السند فلا يسمع، وبأن الاستثناء فيما لا يشاركنهم فيه(٤) محتاج إليه غير مسلم فيما لم تقم فيه قرينة على دخولهن.
  (بخلاف ما لا فرق فيه بين المذكر والمؤنث كـ «من، وما» فيعم المؤنث وإن ذُكِّر العائد) إليه (على الأصح(٥)) من القولين، وهو كلام الأكثرين.
(قوله): «وبأن الاستثناء» عطف على أن الأصل، أي: والقول بأن الاستثناء فيما لم يشاركنهم فيه كالجهاد والجمعة، وهذا إشارة إلى شبهة المخالف أشار إليها السعد، وحاصلها أن استثناء النساء من بعض الأحكام كالجهاد والجمعة يتوقف على دليل كالإجماع على عدم الجهاد والجمعة، ولولا دخولهن لم يحتج الاستثناء إلى دليل ولم يتوقف عليه، فأجاب المؤلف # بمنع الاحتياج إلى الدليل فيما لم تقم فيه قرينة على دخولهن كما في التنازع فيه، فضمير إليه عائد إلى الدليل الخارجي.
(١) مضاف إلى المفعول.
(٢) ولذلك لم يدخلن في الجهاد.
(٣) مبتدأ، خبره غير مسلم.
(٤) أي: في الحكم الذي لا يشاركنهم فيه كالجهاد والجمعة مثلاً. وقوله: محتاج إليه أي: الاستثناء، يعني لكون الصيغة عامة.
(٥) خلافاً لقوم في اختصاصه بالمذكر إذا ذكر العائد، فإن قالوا: كأن تذكيره في دلالته على أن المراد بـ «من» المذكر خاصة كتأنيثه في دلالته على أن المراد بها المؤنث خاصة، فكما أن قولنا: «من دخلت الدار فهي حرة» للمؤنث فقط اتفاقاً، كذا قولنا: «من دخل الدار فهو حر» للمذكر فقط، وتحريرهن إن ثبت فبدليل خارجي، فلا يكون ظاهراً فيهما. قلنا: قياس تذكيره على تأنيثه قياس بلا جامع؛ لوجود الفارق بأن تأنيثه لا يكون إلا باعتبار المعنى، فهو نص في أن المراد بها المؤنث خاصة، بخلاف تذكيره فإنه محتمل لإرادة اللفظ وحده وإرادة المعنى واللفظ معاً، والظاهر لا يقوى لمعارضة النص، والاحتمال لا يقدح فيه، فمن أجل ذلك كان قولنا: «من دخلت الدار فهي حرة» للمؤنث فقط؛ لبطلان الظاهر بالنص على خلافه، و «من دخل الدار فهو حر» عام للمذكر والمؤنث ظاهر فيهما، ولا يقدح فيه الاحتمال. (من شرح السيد عبدالرحمن جحاف للغاية).