[فصل: في ذكر العام]
  شرحه على مختصر المنتهى الأول(١) وقال: إنه الأشهر، وذلك (مثل: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ}) {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}، {يَاعِبَادِيَ} فإنه (لا يعم من بعدهم) أي: بعد الحاضرين أو الموجودين من جهة اللفظ، وإنما يعمهم بدليل آخر(٢)، وهو ما علم من عموم دينه ÷ إلى يوم القيامة بالضرورة، وقوله تعالى: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}(٣) [الأنعام: ١٩]، وقوله ÷: «وبعثت إلى الناس عامة».
  وأصرح من ذلك قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا}[الجمعة: ٢] إلى قوله تعالى: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ}[الجمعة: ٣]، وذلك لوجهين:
  الأول: قوله: (لأنه لا يقال:) يا أيها الناس ونحوه (للمعدومين) وهذا معلوم (قطعاً) فإنكاره مكابرة.
(قوله): «ومن بلغ» أي: من بلغ إليه القرآن، وقيل: من بلغ أوان التكليف.
(١) وقال التفتازاني: الوجه هو الثاني، يدل عليه: ما ذكر في الاستدلال أنه لا يقال للمعدومين: يا أيها الناس. (منقولة). ولفظ حاشية السعد: أي: لمن بعد الموجودين في زمن الوحي، وقيل: لمن بعد الحاضرين، والأول هو الوجه، ويدل عليه ما ذكر ... إلخ.
(٢) وتحرير محل النزاع كما يؤخذ من الشرح أنه لا خلاف في أن الموجودين وقت الخطاب ومن بعدهم سواء في الحكم، وإنما الخلاف في أن الحكم ثابت في حق غير الموجودين لدخولهم لغة في نحو: يا أيها الناس، أو بدليل منفصل من قياس أو غيره، الحنابلة على الأول، والجمهور على الثاني؛ لأن توجيه الخطاب اللفظي إلى المعدوم ممتنع؛ لكونه غير فاهم وإن تعلق به الخطاب النفسي؛ لأن تعلق الخطاب النفسي في الأزل يدخله معنى التعليق، والكلام في خطاب لفظي لا تعليق فيه. (ابن شريف).
(*) من إجماع أو قياس أو نص أو كون الأمر في معنى الخبر، وما مر من أن الأمر يتعلق بالمعدوم فمعناه تعلق الكلام النفسي كأن يقوم بنفس الأب طلب العلم من ابن سيولد، لا توجه الكلام اللفظي. (فصول بدائع).
(٣) عطف على ضمير المخاطبين من أهل مكة، أي: لأنذركم به وأنذر كل من بلغه القرآن من العرب والعجم، وقيل: من الثقلين، وقيل: من بلغه إلى يوم القيامة، وعن سعيد بن جبير: من بلغه فكأنما رأى محمداً ÷. (كشاف). وفي تفسير البيضاوي[١] ما لفظه: وقيل: من بلغ أي: من احتلم وبلغ أوان التكليف، ومثله في الدر المصون.
[١] لا يوجد هذا في تفسير البيضاوي، والذي فيه مثل ما في الكشاف.