هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 639 - الجزء 2

  والثاني قوله: (ولأنه امتنع) الخطاب بمثله (في) حق (الصبي والمجنون⁣(⁣١)) وإذا لم يوجه إليهم مع وجودهم لقصورهم عن الخطاب (فالمعدوم أولى) أن يمتنع توجيه الخطاب إليه.

  (و) أُوْرِد (على الأول) من الوجهين: أنه (إن أريد) بقولهم: إنه لا يقال للمعدومين أنهم (لا يخاطبون به خاصة فمسلَّم) ولا نزاع فيه.

  (وإن أُريد) أنهم لا يخاطبون به (مع الموجودين) ويكون إطلاق لفظ «المؤمنين» أو «الناس» أو «العباد» عليهم (تغليباً⁣(⁣٢) فممنوع) وهو أول المسألة، كيف ومثله فصيح شائع في الكلام معروف عند علماء البيان⁣(⁣٣)؟

  (و) أورد على الوجه (الثاني بأن عدم توجيه) خطاب (التكليف) إلى الصبي والمجنون لدليل عقلي (لا ينافي عموم الخطاب) وتناوله لفظاً كما في سائر الأدلة التي بها يقع التخصيص.

  (وقيل:) إنه (يعم) الحاضرين أو الموجودين - على اختلاف التفسيرين - ومن بعدهم إلى انقطاع التكليف، وهذا مذهب الحنابلة وبعض الحنفية.


(قوله): «وأورد ... إلخ» لم يجب عنه المؤلف #، وكذا في الحواشي.


(١) وهذا استدلال على عدم العموم بعدم توجه الخطاب، لا بعدم توجه التكليف حتى يقدح فيه احتمال الخصوص. (فصول بدائع).

(٢) لقائل أن يقول: إن الكلام في عموم الخطاب حقيقة، وما ذكر من التغليب مجاز فلا يتجه المنع، إلا أن يقال: الكلام فيما هو أعم من عموم الخطاب على سبيل الحقيقة. (من أنظار السيد هاشم بن يحيى).

(٣) ولقائل أن يقول: ليس الخطاب في مطلق الخطاب، بل الكلام في خطاب المشافهة، ومعلوم أنه يمتنع خطاب المشافهة بالذات للمعدومين مطلقاً، سواء كان المعدومون مخاطبين خاصة أو كانوا مأخوذين مع الموجودين؛ لأن خطاب المشافهة يقتضي وجود المخاطب بالفعل وحضوره وإلا لم يكن الخطاب خطاب مشافهة، حتى لو قدر خطاب المشافهة للموجودين والمعدومين معاً لم يتحقق حقيقة إلا في حق الموجودين خاصة. وأيضاً ليس الكلام في صحة إطلاق لفظ المؤمنين أو الناس على المعدومين على طريق التغليب، وإنما الكلام في صحة تناول خطاب المشافهة لغير الحاضرين على سبيل التغليب، وأنه ممنوع فضلاً عن كونه فصيحاً شائعاً في الكلام. (جواهر التحقيق).