هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 658 - الجزء 2

  من المراتب مجازات له، والباقي أحد المجازات، فقد (تردد فيما بقي و⁣(⁣١)) في (كل) مرتبة (منه) أي: مما بقي (مجازاً فصار مجملاً) فيها فلا يبقى حجة في شيء منها.

  وأما الثاني فقال: أقل الجمع هو المتحقق (والزائد على الأقل مشكوك) فيه فلا يصار إليه.

  (قلنا: لا) نسلم أن الباقي متردد فيه أو مشكوك فيه، وإنما ذلك لو كانت المراتب متساوية ولا دليل على تعيين أحدها، وليس كذلك (لما سبق) من الدلائل على وجوب الحمل على ما بقي.

  واحتجاج (الثالث) وهو الكرخي ومن وافقه (كالأول في) التخصيص بالدليل (المنفصل) أما مع التخصيص بالدليل المتصل فإنه يبقى عنده حقيقة في الباقي كما سبق له في المسألة التي قبل هذه، فيكون متبادراً فيه لا متردداً.

  (الآخران) وهما القاضي والبصري احتجا بأن العام (المفتقر) إلى البيان (وغير


(قوله): «تردد فيما بقى» أي: في جميع الباقي. وقوله: مجازاً حال.

(قوله): «والزائد على الأقل مشكوك فيه» لعله معطوف على أول الكلام، أعني قوله: تردد فيما بقي، أو على قوله: فصار مجملا.

(قوله): «لما سبق من الدلائل» يعني الثلاثة على كونه حجة بعد التخصيص.


(١) يعني يحتمل أن يكون مجازاً في جميع الباقي وفي كل بعض من الباقي، لكن هنا تحقيق أشار إليه العلامة المحقق الجلال، وهو أنه إذا استدل الأشعري على المعتزلي فقال: أفعال العباد مخلوقة لعموم: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}⁣[الزمر: ٦٢] فإن المعتزلي له نقض هذا الدليل، والنقض ثابت عند الجميع، وذلك بأن يقول: العام دليل على تعلق الحكم بكل فرد، وقد وجدنا الدليل أعني هذه الآية ولم يوجد المدلول، فإن كلاً من ذات الله تعالى وصفاته شيء غير مخلوق، فأفعال العباد التي تخالف المعتزلي في خلقها تحتمل كونها مخصصة، فلا يكون العام المخصص دليلاً للأشعري على المعتزلي ولا حجة عليه فيما اختلفوا فيه؛ لما تقرر أن الدليل يبطل بالنقض، فالمراتب حينئذ غير متساوية، لا فيما اتفقوا عليه كالسماء والأرض ونحوهما فإن العام المخصص دليل في كونها مخلوقة لاستواء المراتب فيها. (من خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد). وأما استدلال الصحابة فليس من العام المخصص، بل لكونه من المطلق الموجود في الكل والبعض، ولا يقع نقض فيه؛ إذ لا يتخلف المدلول عن الدليل. (من خطه أيضاً).