هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في ذكر العام]

صفحة 660 - الجزء 2

  المخصص في الشرع، حتى قيل: «لا عام إلا مخصص⁣(⁣١) إلا قوله تعالى: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ١٧٦}⁣[النساء].

  وقال الباقلاني ومتابعوه: إنه لا بد من القطع بانتفاء المخصص؛ مصيراً منه إلى أن الجزم بعمومه والعمل به مع احتمال وجود المعارض للعموم ممتنع، فإذاً لو لم يحصل القطع بعدمه يمتنع الجزم بعمومه والعمل به.

  قالوا: ويحصل ذلك بتكرر النظر والبحث واشتهار كلام العلماء من غير أن يذكر أحدهم⁣(⁣٢) مخصصاً.

  وحكى الغزالي قولاً متوسطاً، وهو أنه لا يكفي الظن ولا يشترط القطع، بل لا بد من اعتقاد جاز وسكون نفس بانتفائه.


(قوله): «ويحصل ذلك القطع بتكرر النظر والبحث ... إلخ» لم يتعرض المؤلف # لجواب هذه الشبهة، وقد أجاب في شرح المختصر بمنع ذلك؛ إذ كثيراً⁣[⁣١] ما يبحث [فلا يحصل له علم]⁣[⁣٢] أو يبحث فيحكم ثم يجد ما يرجع به عن حكمه، وهو ظاهر.

(قوله): «وحكى الغزالي قولا متوسطاً» هكذا في شرح الجمع، ولعل الفرق بين القطع والاعتقاد اشتراط المطابقة للواقع مع القطع وعدم ذلك في الاعتقاد الجازم مع سكون النفس.


(١) القياس أن يقال: لا عام في أدلة الأحكام إلا مخصص كما تقدم قريباً، وأما في غير أدلة الأحكام فالعمومات الغير المخصصة كثيرة، نحو: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٢}⁣[الفاتحة]، {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ٤٩}⁣[الكهف]، {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ١٣٤}⁣[آل عمران]، {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ ٣١}⁣[غافر]، وغير ذلك مما لا يحصى كثرة. (من خط القاضي محمد بن إبراهيم السحولي). وسينقل المؤلف | في أواخر مسألة جواز تأخير البيان إلى وقت الحاجة عن بعض العلماء تصريحاً بأن ذلك في أدلة الأحكام. اهـ بل قد ذكره في المسألة التي قبل هذه في دليل الإجماع.

(٢) وهذا الخلاف لا يختص بهذه المسألة، بل كل دليل مع معارضه كذلك. لنا: لو اشترط القطع لبطل العمل بأكثر العمومات المعمول⁣[⁣٣] بها، وهو باطل اتفاقاً؛ إذ القطع لا سبيل إليه، والغاية عدم الوجدان.


[١] (قوله): «إذ كثيراً ما يبحث أو يبحث» الأول على لفظ المفعول والثاني على لفظ الفاعل.

[٢] ما بين المعقوفين من شرح الفصول.

[٣] في المطبوع: للعمل بها. والمثبت من شرح الفصول.