هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 661 - الجزء 2

  وقال الصيرفي والبيضاوي وإليه ميل الرازي: إنه يجوز العمل بالعام إلى أن يظهر الخاص، ولا يجب البحث⁣(⁣١)؛ ذهاباً منهم إلى أن العموم حقيقة في الاستغراق، والحقائق يلزم التمسك بظاهرها من دون طلب للمجازات؛ لأن الحقائق هي الأصل، والتخصيص مجاز طارٍ، والأصل عدمه.

  (و) الجواب أن (كون الأصل الحقيقة وعدم المخصص) مسلم ولكنه (لا يفيد ظناً) بعدم التخصيص، بل لا يبعد ظن وجوده قبل الطلب؛ وذلك (لسعة التخصيص) خصوصاً في أحكام الشرع، والعمل فيها مع الشك أو الوهم لا يجوز اتفاقاً.


(قوله): «والتخصيص مجاز طار» لو قيل بوجوب البحث وإن كانت حقيقة في الاستغراق لكثرة التخصيص، وقد استفيد ذلك من الجواب.


(١) لكن ذكر الشارح العلامة أن مراده أن قبل وقت العمل وقبل ظهور المخصص يجب اعتقاد عمومه جزماً، ثم إن لم يتبين الخصوص فذاك، وإلا تعين الاعتقاد، صرح بذلك إمام الحرمين ثم قال: وهذا غير معدود عندنا من مباحث العقلاء ومناظرة العلماء، وإنما هو قول صدر عن غباوة واستمرار في عناد. (سعد).

(*) في شرح ابن جحاف: قالوا: لأن الأصل في إطلاق لفظ العام الحقيقة، والمجاز خلاف الأصل، وأيضاً الأصل عدم المخصص، وهذا بمجرده يفيد ظن انتفاءه من غير بحث؛ لأن الظاهر عدمه. قلنا: ما ذكر لا يفيد انتفاءه؛ لأنه معارض بسعة التخصيص وكثرته وغلبته في العمومات حتى قيل: لا عام غير مخصص إلا قوله تعالى: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ٣}⁣[الحديد]، وبذلك يكون الظاهر وجوده ويتساقط الظاهران، فلا يحصل قبل البحث ظن بوجوده ولا بعدمه.