[فصل في التخصيص]
  ومستند النافين(١): للجواز أما في الخبر فما تقدم في المجاز من أنه كذب؛ لأنه ينفى فيصدق نفيه، فلا يصدق هو، وإلا صدق النفي والإثبات معاً، وهو محال، فقولك: «جاءني كل من في البلد» وقد تخلف بعضهم كذب؛ لصدق: «ما جاءني كل من في البلد.
  والجواب: المنع (وصدق النفي إنما هو بقيد العموم) لا مطلقاً، والإثبات إنما هو بقيد الخصوص، فلم يتوارد الإثبات والنفي على شيء واحد، فكانا جميعاً صادقين.
  وأما في الإنشاء فلأنه لو جاز التخصيص فيه لزم البداء، وهو ظهور المصلحة بعد خفائها.
  والجواب: المنع أيضاً (والبداء(٢) إنما يلزم لو أريد العموم ابتداء) لكنه لم يرد من أول الأمر العموم، وإنما أريد به الباقي بعد التخصيص؛ ولهذا امتنع تأخير البيان كما يجيء إن شاء الله تعالى.
(قوله): «والبداء» بالمد كما ذكره في الصحاح والاستواء.
(١) في شرح ابن جحاف: قالوا: لو جاز التخصيص لصار كذباً، فلو كان المراد بقولنا: «أكرمت بني تميم الطوال» البعض منهم المتصفين بالطول فقط لصدق ما أكرمت بني تميم، فيكون: «أكرمت بني تميم» كذباً؛ لأنه يصدق نفيه، وما صدق نفيه فهو كذب، وكونه أمراً بالكل أولاً وبالبعض ثانياً حقيقة البداء، ولا يجوز على الله شيء منهما. قلنا: قولكم: «صدق نفيه» غير مسلم؛ لأنه إنما صدق النفي لتوجهه إلى قيد العموم؛ لأن النفي إذا دخل على مقيد توجه إلى ذلك القيد، فإذا قلت: ما فعلت كل ذلك بل بعضه لم يكن كلاماً متناقضاً قطعاً. وأما البداء فإنما يلزم لو أريد العموم ابتداء، ولم يرد ذلك، بل الخصوص هو المراد ابتداء، والتخصيص هو الكاشف عن عدم إرادة العموم ابتداء فلا بداء. (منه).
(٢) البداء بالدال المهملة والمد: هو ظهور المصلحة بعد خفائها، قال الجوهري: وبدا له في هذا الأمر بداء ممدود: أي: نشأ له فيه رأي. (أسنوي).