[فصل: في الطرق التي يعرف بها تخصيص العام]
  استعمال نخلة في الطويل من الإنسان ولم يجيء استعمالها في كل طويل، على أن اللغة إنما تثبت بالنقل لا بالرأي والترجيح.
[فصل: في الطرق التي يعرف بها تخصيص العام]
  (فصل) في بيان الطرق التي يعرف بها تخصيص العام، وهي قسمان بينهما بقوله: (والمخصص متصل) لا يستقل بنفسه (ومنفصل) يستقل (فالمتصل(١)) منه (ما يخرج المذكور، وهو) أمران: أحدهما: (الاستثناء(٢) المتصل) نحو: «أكرم الناس إلا الجهال» أخرج الجهال وهو مذكور في الكلام، وأما الاستثناء المنقطع فلا تخصيص فيه.
  (و) الثاني: (الغاية) نحو: «أكرم الناس إلى أن يجهلوا» فإنه يخرج الجهال أيضاً وهو مذكور في الكلام.
(قوله): «والغاية ... إلخ» قيل[١]: الإخراج بالغاية وما بعدها لا يتصور من الحنفية لنفيهم مفهوم المخالفة، والتخصيص إنما هو على القول به، وقال بعض المحققين: العمل بالتقييد لا ينافي عدم العمل بالمفهوم؛ لأن معنى العمل بالمقيد كونه متعلق الحكم ومعنى العمل بالمفهوم كونه مختصاً بالحكم دون غيره، وإثبات تعلق الحكم بالمقيد لا يستلزم اختصاصه به، كما أن نفي اختصاصه الذي يقول به الحنفية لا يستلزم نفي تعلق الحكم به؛ لأن الاختصاص أخص من التعلق، ونفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم.
(١) فالمتصل أنواع خمسة: الاستثناء المتصل، والشرط، والصفة، والغاية، وبدل البعض، إلا أنا سنعرفك أن الشرط والغاية ليسا بتخصيص رأساً، وإنما هما تقييد للحكم، كما أن الاستثناء والبدل راجعان إلى الصفة، أما الاستثناء فلأن قولك: «جاءني القوم إلا زيداً» في قوة قولك: جاءني القوم الخارج عنهم زيد، وأما البدل فلأنه هو المقصود بلفظ المبدل منه، فهو كالوصف الكاشف كما نبهناك عليه في أول الباب، فإذاً المستثنى منه والمبدل منه من العموم المراد به الخصوص لا من العموم المخصوص، فهما كالصفة مع الموصوف سواء سواء لدفع توهم دخول غير من هي له في مفهوم الموصوف، ثم نسبة التخصيص إلى منطوق الصفة تسامح؛ لأن التخصيص إنما هو بمفهومها؛ لما عرفناك به من أن التخصيص مصدر بمعنى الفاعل، أي: الدال على اختصاص بعض مفهوم العام بالحكم، والدال على ذلك في الصفة والاستثناء عند من لا يجعله من النفي إثباتاً والعكس إنما هو المفهوم لا المنطوق، فإذاً ينحصر المخصص المتصل في الاستثناء على الصحيح وفي المفهوم عند معتبره، ومن لا يجعل الاستثناء منطوقاً ولا يعتبر المفهوم فحقه أن لا يثبت تخصيصاً بمتصل رأساً، وإنما التخصيص عنده بمنفصل لا غير. (مختصر وشرحه للجلال).
(٢) وهو مأخوذ من الثني، وهو العطف، تقول: ثنيت الحبل أثنيه إذا عطفت بعضه على بعض، وقيل: من ثنيته عن الشيء إذا صرفته عنه. (من شرح ألفية البرماوي). وقيل: مأخوذ من ثنيت الخبر بعد الخبر، فكأن المستثني - يعني بصيغة الفاعل - تكلم بالشيء مرتين: مرة عموماً ومرة خصوصاً. (استعداد للموزعي).
[١] القائل ابن الهمام، وقوله: بعض المحققين هو الجلال.