[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  يعني أن المستثنى داخل في المستثنى منه حقيقة باعتبار إفرادهما من التركيب الإسنادي، وهو غير داخل فيه باعتبار الإسناد، فلم يسند إلا إلى الباقي بعد الإخراج، فالمراد بعشرة في قولك: «علي له عشرة إلا ثلاثة» هو معنى عشرة قبل الإسناد، ثم أخرج منه الثلاثة بالاستثناء على التحقيق وحكم بالإسناد بعد الإخراج، فلم يسند إلا إلى سبعة(١)، وهذا مذهب(٢) ابن الحاجب وغيره.
(قوله): «وهذا مذهب ابن الحاجب» لكن هذا ينافي[١] ما ذكره ابن الحاجب من أن الاستثناء من الإثبات نفي ومن النفي إثبات، ذكره في الحواشي، وذكر مثله الدماميني.
(١) ولنجم الدين كلام يشعر بهذا المذهب، وهو قوي حيث تأخر الإسناد بعد المستثنى نحو: «القوم إلا زيداً في الدار»، فأما مع تقدم الإسناد فضعيف نحو: «القوم في الدار إلا زيداً»؛ لاقتضاء الإسناد إلى الجميع قبل الاستثناء. (خير الله).
(*) تقديراً وإن كان الإسناد قبله أي: قبل إخراج الثلاثة ذكراً، فكأنه قال: له علي الباقي من عشرة أخرج منها ثلاثة، وليس في ذلك إلا الإثبات[٢] ولا نفي أصلاً، فلا تناقض. (جمع ومحلي).
(٢) تصحيحه - أي: ابن الحاجب - لهذا المذهب ينافي ما سيأتي له من اختيار كون الاستثناء من النفي إثباتاً ومن الإثبات نفياً؛ إذ لا حكم على هذا القول قبل الاستثناء، فكيف يقال: استثناء من نفي أو من إثبات، وإنما يتمشى على ما نبهناك عليه من أن «إلا» في موقع الصفة مطلقاً. (جلال).
(*) في الفواصل: وهذا مختار ابن الحاجب وطائفة من الحنفية، وهو صحيح، إلا أنه يرجع إلى أحد القولين السابقين، يعني قول الجمهور وقول الباقلاني؛ لأن قوله: عشرة باعتبار الأفراد إن أراد أنها مرادة بعد الحكم على السبعة فهذا إنما يتحقق باعتبار ظاهر اللفظ، وهو مراد أهل القول الأول، وإن أراد أنها باقية على معناها الأصلي بعد إخراج الثلاثة والحكم على السبعة فواضح البطلان، فلم يستفد إلا التعسف والتكلف مع رجوعه إلى القول الأول، وإن أراد أن الأفراد باقية على معناها الأصلي وإنما أسند بعد الإخراج إلى السبعة واستفيد من المجموع أن المقر به سبعة فهو بعينه مذهب الباقلاني، ومن هنا تعلم أن من قال برجوع المذهبين إلى قول ابن الحاجب فقد أبعد، بل هو إما فاسد أو راجع إليهما. وأيضاً فهذا ينافي ما اختاره أن الاستثناء من النفي إثبات وبالعكس، فإنه صرح أن لا نفي أصلاً، وهكذا في: ما له علي إلا ثلاثة، ليس فيه إلا إثبات الثلاثة، فعرفت بهذا أن ما اختاره هنا لا ينطبق عليه أن الاستثناء من النفي إثبات وبالعكس، بل ما اختاره هنا قول طائفة من الحنفية القائلين بأنه ليس كذلك.
[١] وسينقل المحشي اعتراض الجواهر عليه فيما يأتي في تلك المسألة. (ح). وفي حاشية ما لفظه: يمكن أن يقال: إن إخراج بعض أفراد المستثنى منه قبل الحكم عليه يدل على انتفاء الحكم عنه بحكم الاستعمال اللغوي وإن جاز عند العقل أن يكون خروجه للسكوت عن حالة فتأمل. (من خط السي حسين الأخفش |).
[٢] في المطبوع: وليس في ذلك إثبات. والمثبت من شرح المحلي على الجمع.