هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 710 - الجزء 2

  رجوعه إلى الجلد إن سلم لدليل خارجي كما يأتي إن شاء الله تعالى.

  ولا يخفى عليك أن المراد بالعود إلى الأخيرة حيث كان الاستثناء بعد جملتين فقط كما في الأمثلة، أما إذا كانت الجمل أكثر من اثنتين فإنه قد يعود إلى الأخيرة وإلى الأخيرتين وإلى أكثر، والتعويل على تبين الإضراب، فإذا قيل: «اضرب بني تميم وسلم على ربيعة وأكرم ربيعة إلا الطوال» رجع الاستثناء إلى الجملتين الأخيرتين دون الأولى لتبين الإضراب عنها دون الثانية، وعلى ذلك فقس.

  (و) هذا القول قد (حمل) القول (الأول عليه) بناء على أن تبين الإضراب وظهوره قرينة دالة على اختصاص الأخيرة بالاستثناء، وقد عرفت أن ذلك مما لا نزاع فيه، ومع عدم تبينه يتحقق الخلاف، فيكون عند الأولين ظاهراً في الرد إلى الجميع.

  (واختير) أيضاً، يعني أن أكثر أصحابنا المتأخرين جعله المذهب المختار وحمل عليه كلام القدماء، وذلك لوجوه:

  الأول قوله: (لأنه كالاستثناء بالمشيئة⁣(⁣١) والشرط لاتحاد المعنى فيهما) يعني أنه لو لم يعد الاستثناء إلى الجميع لم يعد الشرط والاستثناء بالمشيئة الواقعان بعد جمل للجميع.

  أما الأولى فلاتحاد المعنى في الاستثناء والشرط، وهو كون كل واحد منهما تخصيصاً بمتصل لا يستقل بنفسه، بل لا وجه لأجله يقال بوجوب رجوع الاستثناء إلى ما يليه إلا وهو قائم في الشرط، بل قال أبو طالب # في المجزي: إن الاستثناء شرط في المعنى؛ لأن المستفاد منهما واحد، ألا ترى أنه لا فرق بين قولك: «القذفة فساق إن لم يتوبوا» وقولك: «إلا من تاب»، وكذلك لا فرق بين أن يقال: «اقتلوا المشركين إن لم يدخلوا في الذمة» وأن يقال: «إلا أهل الذمة».


(قوله): «إن سلم» إشارة إلى ما سيأتي في الجواب.

(قوله): «جعله المذهب» كصاحب الفصول، واعتمده في شرح الجوهرة.


(١) قالوا ثانياً: لو قال: «والله لا أكلت ولا شربت ولا ضربت إن شاء الله» عاد إلى الجميع اتفاقاً. (عضد).