[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  وَأَصْلَحُوا}، ومن جملة الإصلاح الاستحلال وطلب عفو المقذوف، وعند وقوع ذلك يسقط الجلد، فيصح صرف الاستثناء إلى الكل.
  ولو سلم الاتفاق بناء على أن المستثنى هو: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} خاصة فلا يلزم من ظهوره للجميع العود إليه دائماً، بل قد يصرف عنه لدليل، وهاهنا كذلك، فإن الجلد حق لآدمي فلا يسقط بالتوبة، وإنما يسقط بإسقاط المستحق.
  (قيل) في الاحتجاج لهم ثانياً: لو قيل: «علي (عشرة إلا أربعة إلا اثنين») لكان «إلا اثنين» (للأخيرة) وهو الأربعة، فيفيد استثناء الاثنين من الأربعة، فيلزم ثمانية.
  (قلنا:) إنما لم يعد إلى الأولى وهي العشرة لأنه (تعذر) عوده (إلى الجميع) لأن الشيء الواحد لا يكون مثبتاً منفياً، فلو عاد «إلا اثنين» إلى الجميع لكان مثبتاً لاستثنائه من المنفي وهو الأربعة منفياً(١) لاستثنائه من المثبت وهو العشرة (فتعين الأقرب) مرجعاً له؛ لاعتماد اللغة للأقرب في غير موضع(٢) (ولو تعذر) عوده إلى الأخير (فللأول، مثل) عشرة (إلا اثنين إلا اثنين) لاستحالة استثناء الاثنين من الاثنين، فيكون الباقي ستة(٣) (على أنه غير النزاع) يعني أن هذا الوجه مما احتج به الحنفية خارج عن محل النزاع؛ لما عرفت من اشتراط كون الاستثناء بعد جمل معطوف بعضها على بعض.
(قوله): «ومنفياً لاستثنائه من المثبت» كما إذا قلت: جاء القوم ولم يجي العلماء إلا زيداً وزعمت أن الاستثناء عائد إلى الجملتين.
(قوله): «للأقرب في غير موضع» كإعمال الثاني في باب التنازع، وإعمال الباء في ألقى بيده دون الفعل، وعود ضمير ضربته إلى عمرو في مثل ضرب زيد عمراً وضربته، وتعين سلمى للفاعلية في مثل ضربت سلمى سعدى، ذكره في الحواشي.
(١) في المطبوع: ومنفياً.
(٢) وكأنه لا قائل يقول: يعود إلى الستة؛ لعدم القرينة الدالة على عوده إليها مع عدم حرف العطف.
(٣) يقال: هلا حمل على التأكيد دون الاستثناء، فإن عورض بأن الأصل براءة الذمة أجيب بأن الإنسان على نفسه بصيرة، وقد أقر بعشرة واستثنى اثنين مؤكداً لهما، وإنما يلزم استثناء الأربعة لو أتى بواو العطف. (شيخ لطف الله).