[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  ذهب إليه الكرخي صار العام ظني الدلالة بالنسبة إلى الآحاد، بخلاف ما إذا ما خص بمتصل فإن ذلك عند الكرخي لا يُصيَّر العام مجازاً في الباقي كما تقدم، فتبقى دلالته على بقية الأفراد قطعية، فلا يجوز تخصيص شيء منها بخبر الآحاد كما إذا لم يخص بشيء أصلاً.
  (و) الجواب: أن (فيه ما سبق) وهو منع كون العام قطعياً في تناول أفراده؛ لاحتمال التخصيص بالنسبة إلى أي واحد منها قدر، سواء كان قد خص بقطعي أو منفصل أو لم يخص.
  (و) يجوز تخصيص الكتاب (بالإجماع) إجماعاً (كآية القذف) وهي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} إلى قوله تعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}[النور: ٤]، فإن عموم الموصول يوجب الثمانين للحر والعبد، فخص بالإجماع على تنصيف الجلد في حق العبد كالأمة المنصوص عليها بقوله تعالى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}[النساء: ٢٥]، وقياس العبد عليها مستند الإجماع(١).
  ومن ذلك قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}[الجمعة: ٩]، فإنه يعم النساء(٢) والعبيد، وخصوا بالإجماع.
  (وهو) يعني التخصيص بالإجماع ليس لذات الإجماع قطعاً لتراخيه؛ لأنه في زمنه ÷ محال، وإنما هو (لتضمن المخصِّص) وهو مستند الإجماع، والمخصص في التحقيق هو المستند.
(قوله): «فإنه يعم النساء» قد تقدم أنهن لا يدخلن في الذين آمنوا إلا بنقل الشرع أو بالتغليب.
(قوله): «المخصص في قوله: يخصص الإجماع المخصص» صفة للإجماع، وقوله: «بكون مستنده نصاً» أي: لا قياساً، فالباء متعلق بيخصص، =
(١) ولكن يرد هنا سؤال، وهو أن يقال: لم لا يكون قياس العبد على الأمة هو المخصص عند من يثبت التخصيص بمثل ذلك؛ وهو الأكثر؟ (دواري).
(٢) عمومه للنساء تغليباً أو على مذهب من قال بدخولهن.