هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 746 - الجزء 2

  تاريخه، فعملهم بالآحادي ليس نسخاً للمعلوم بالمظنون، وإنما هو إثبات لتأريخ النسخ المعلوم، وهو بالآحاد جائز.

  قال: وهذه طريقة أبي علي⁣(⁣١) وقد أومأ إليها الشافعي.

  ومنهم من فرق بين التخصيص والنسخ بأن التخصيص أهون؛ لأن النسخ يرفع الحكم دونه، ولا يلزم من تأثير الشيء⁣(⁣٢) في الأضعف تأثيره في الأقوى.

  احتج (الآخران⁣(⁣٣)) وهما ابن أبان والكرخي بأن العام إن لم يخص بقطعي أو بدليل منفصل (قطعيٌّ) في تناول أفراده (لم يضعف بالتجوز⁣(⁣٤)) أي: بالصرف عن الحقيقة إلى المجاز⁣(⁣٥)، أما إذا خص بقطعي كما ذهب إليه ابن أبان أو بمنفصل كما


= لكن إذا قد علموه جملة⁣[⁣١] وجب عليهم استقبال القبلة من أول صلاتهم. والذي أجاب به في شرح المختصر أن خبر الواحد قد يفيد القطع بانضمام القرائن إليه، وهذا من ذلك القبيل؛ لأن نداء منادي الرسول ÷[⁣٢] بحضرته على رؤوس الأشهاد في مثل هذه العظيمة قرينة صدقه عادة، ويجب المصير إليه لما ذكرنا من امتناع ترك القاطع بالمظنون.

(قوله): «أو بدليل منفصل» أطلق المؤلف # المنفصل عن تقييده بكونه قطعياً أو ظنياً بناء على أحد الروايتين عن الكرخي كما تقدم.

(قوله): «قطعي» هذا خبر أن في قوله: أن العام إن لم يخص.


(١) يعني في التأويل المذكور.

(٢) وهو خبر الآحاد.

(٣) واعلم أن ابن أبان والكرخي يعتقدان أن دلالة العام قطعية، فيرجع اختلافنا معهما إلى أن دلالة العام على أفراده هل قطعية لا سيما إذا لم تخص فلا يخصها خبر الواحد، أو ظنية فيخصها؟ ولذلك قال ابن السمعاني: ما قال ابن أبان مبني على أصل له لا نوافقه عليه، والحاصل أنهما على ضعف مذهبهما لا يوافقان على قولنا: العام ظني الدلالة؛ فلننقل الكلام معهما إلى أصلهما الذي لا يمتري - عند الإنصاف - ذوو الألباب في ضعفه، ولنا فيه قول ليس هذا موضعه. (من شرح السبكي على المختصر).

(٤) ومعنى ضعفه بالتجوز أنه لما خص منه البعض بمستقل صار ظاهراً في الباقي بناء على أنه لم يتحقق الإخراج إلا لما عداه، واحتمل خروج كل واحد من الباقي بناء على أن المستقل يحتمل التعليل فلا نعلم قطعاً أن أي قدر يخرج بالتعليل، وبالجملة فقد ارتفع القطع المانع عن التخصيص بخبر الواحد. (سعد الدين).

(٥) يعني أن العام إذا لم يخصص بقطعي أو بدليل منفصل بل كان التخصيص بغيرهما فهو باق على حقيقته؛ لأن هذا التخصيص ما أضعفه ولا أخرجه عن الحقيقة إلى المجاز.


[١] قد يقال: إنهم لما سمعوا قول الله تعالى: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا}⁣[البقرة: ١٤٤]، كان عدة بالنسخ، فبقوا منتظرين، فلما جاء النداء جزموا بإنجاز الوعد، وإذا كان كذلك فلا يلزمهم استقبال القبلة من أول صلاتهم. (السيد قاسم بن محمد الكبسي. ح).

[٢] يحقق هذا من شرح المختصر؛ لأن الكلام في أهل قباء، فكيف قوله: بحضرته⁣[⁣٠] فتأمل. (عن خط شيخه).

[٠] قال السعد: ومعنى قوله: بحضرته بقرب منه بمنزلة الحضور.