هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 758 - الجزء 2

  فالتخصيص⁣(⁣١) هو الأولى جمعاً بين الأدلة، وهذا ما أراد بقوله: (وإلا بطل العام).

  (و) يجوز التخصيص (بالقياس) عند أئمتنا $ والجمهور، ونقل عن الفقهاء الأربعة والأشعري وأبي هاشم في قوله الأخير وأبي الحسين والإمام الرازي والآمدي، ورواه أبو طالب عن الشيخ أبي الحسن الكرخي، فيخصص عمومات الكتاب والسنة في الأحكام التي يعمل فيها بالقياس.

  (وقيل: لا يجوز⁣(⁣٢)) التخصيص بالقياس أصلاً، وهو رأي الجبائي، وإليه كان يذهب أبو هاشم أولاً، ورواه أبو طالب عن بعض الفقهاء، ونقله القاضي أبو بكر الباقلاني عن طائفة من المتكلمين منهم ابن مجاهد من الشافعية.

  (وقيل بالوقف) وهو مذهب الجويني⁣(⁣٣) والباقلاني.

  (وقيل: محل اجتهاد) فيعمل بالأرجح من الظن الحاصل بالعام والحاصل بالقياس إن كان ثمة تفاوت، وإلا فالوقف، وهو مذهب الغزالي، وبه قال الإمام يحيى بن حمزة.

  (وقيل:) يجوز التخصيص (بالجلي) من القياس لا بالخفي، وهو قول جماعة من


(قوله): «ويجوز التخصيص بالقياس» مثل أن يعم قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}⁣[التوبة: ١٠٣]، المدين وغيره فيخص المدين من العموم قياساً على الفقير.

(قوله): «في الأحكام التي يعمل فيها بالقياس» لتخرج الأحكام التي لا تكون كذلك، مثل ما لا يعقل معناه، كالقسامة ونحو ذلك.


(١) قد حقق المقام في الحواشي فتأملها. (سيلان).

(٢) ويمكن أن يحتج المانع بأنه لما دل عموم النص على حكم وجب العمل بمقتضاه بقوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}⁣[هود: ١١٢]، والعمل بالقياس انحراف عنه، وفيه أن العمل بالقياس عمل بما لا أمر به فلا انحراف، والله أعلم.

(٣) قال أبو زرعة في شرح الجمع في سياق ذكر المذاهب في التخصيص بالقياس ما لفظه: السادس: الوقف في القدر الذي تعارضا فيه والرجوع إلى دليل آخر غيرهما، وبه قال إمام الحرمين أي: في كتبه الأصولية، لكنه قال في النهاية في مسألة بيع اللحم بالحيوان: يخص الظاهر بالقياس الجلي إذا كان التأويل⁣[⁣١] لا ينبو عن النص، بشرط أن يكون القياس صدر عن غير الأصل الذي ورد فيه الظاهر، فإن لم يتجه قياس من غير مورد الظاهر لم تجز إزالة الظاهر بمعنى مستنبط منه يتضمن تخصيصه وقصره على بعض المسميات.


[١] في المطبوع: إذا كان التخصيص. والمثبت من شرح أبي زرعة على الجمع.