[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  وإذا ثبت الجواز في حق ذلك الواحد (فإن تبين معنى) هو العلة لتقريره(١) (أُلحق به مشاركه) في ذلك المعنى، إما بالقياس وإما بنحو «حكمي على الواحد حكمي على الجماعة» إن ثبت، وقوله ÷ في خطبة حجة الوداع: «هل بلغت؟» قالوا: نعم، قال: «فليبلغ الشاهد منكم الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع» هذا حديث صحيح متفق عليه.
  (وإلا) يتبين معنى موجب للتقرير (فالمختار) أنه (لا يتعدى) إلى غير الفاعل؛ لتعذر دليل(٢) التعدي، أما القياس فلعدم الجامع كما هو المفروض، وأما الحديث(٣) فلأنا لو عملنا به لبطل العام بالكلية(٤)، بخلاف ما لو خَصَصْنا الحديث(٥)
(قوله): «إن ثبت» لأن في سنده ضعفاً.
(قوله): «فالمختار لا يتعدى وإلا بطل العام» بالكلية، هذا الدليل لا يشمل عدم تعذر التعدي بالقياس مع أن السياق فيه لقوله #: فإن تبين معنى ألحق به مشاركه، وإلا يتبين معنى فالمختار ... إلخ. وأما تعذر التعدي بالحديث فقد جعل المؤلف # وجهه[١] أنا لو عملنا به لبطل العام بالكلية، وأراد بالعام هو المتقدم على التقرير، كأن يقول: استقبال القبلة بقضاء الحاجة حرام ثم يفعله مكلف ويقرره النبي ÷، فإن الحديث - وهو قوله: «حكمي على الواحد حكمي على الجماعة» - لو عمل به لبطل حديث الاستقبال في حقه ÷ وحقنا[٢].
(قوله): «بخلاف ما لو خصصنا الحديث»[٣] بما علم فيه عدم الفارق.
(١) ومنه ما روي عنه ÷ أنه نهى عن قتل الهرمين ثم لما بلغه قتل دريد بن الصمة في أوطاس لم ينه عن قتله، بل قرره، فكان مخصصاً بمن كان هرماً ذا رأي، أشار إليه الإمام أحمد بن سليمان.
(٢) قال ابن أبي الخير: مقتضى كلام أصحابنا أن مجرد التكليف معنى شامل، فكل من ثبت له حكم من لفظه أو تقريره ثبت لغيره من المكلفين إلا لمخصص، ومقتضى كلام الشيخ أنه لا بد من معنى زائد على التكليف لأجله يجب إجراء الحكم على من شاركه في ذلك المعنى من المكلفين، وكلامه قوي، وقد روي عن بعضهم أن المعنى ولو فهم فلا يفهم إلا بدلالة زائدة على ثبوت المعنى للغير. (ابن أبي الخير).
(٣) وهو قوله: حكمي على الواحد.
(٤) يقال: وما المانع من بطلانه بالكلية ويحمل على النسخ؟ والله أعلم. (سحولي).
(٥) وقلنا: قوله: حكمي على الواحد حكمي على الجماعة، وقوله في خطبة الوداع: هل بلغت حيث علم عدم الفارق، فبهذا التقدير يتخصص الحديث.
(*) عبارة ابن الحاجب وشراح كلامه: وأما الحديث فلتخصيصه إجماعاً بما علم فيه عدم الفارق؛ للاختلاف في الأحكام قطعاً، وهنا لم يعلم.
[١] وكذلك يمكن تمشيته بالنظر إلى القياس بأنا لو علمنا به لبطل العام بالكلية. (حسن بن يحيى الكبسي).
[٢] الأولى في حق المقرر كما لا يخفى. (ح من خط شيخه).
[٣] ظاهر عبارة الشرح في قوله: بخلاف ما لو خَصَّصْنَا بالتضعيف باعتبار ما بعده، فلا يلائمه قول المحشى: بما علم فيه ... إلخ، وإنما يناسب قوله: بما علم لو كان خصصنا بالتخفيف كما هو الظاهر من عبارة العضد فتأمل. (عن خطه). وهو كذا في العضد قال عليه العلامة المقبلي: وهو وهم أو تعبير غير صحيح، والصواب بما علم فيه الفارق؛ لأن التخصيص به، وأما عدم الفارق فهو موجب للتعميم. (ح عن خط شيخه).