[فصل: في الطرق التي يعرف بها تخصيص العام]
  بناء العام على الخاص، فيبنى المطلق(١) على المقيد(٢) بشروطه من المقارنة أو المفارقة إلى وقت العمل أو جهل التاريخ، وإلا فالمقيد المتأخر ناسخ، والخلاف هنا كالخلاف هنالك، والاحتجاج كالاحتجاج، إلا أن البرماوي الشافعي نقل عن أبي حنيفة في هذا الموضع بناء المطلق على المقيد على أية حال، والصحيح(٣) خلافه، فإن العلامة الفناري صرح في فصول البدائع بأن تأخر المقيد نسخ عند الحنفية، وقال: إن القول بأنه ناسخ أولى من القول بأن المخصص(٤) المتأخر ناسخ؛ لكونه رافعاً لتمام ما به صحة استعمال المطلق، والتخصيص إنما يرفع بعض الثابت(٥)، ثم ذكر أنهم مع تقدم(٦) المقيد يوافقون
(قوله): «أو المفارقة إلى وقت العمل» هكذا في النسخ، والظاهر إلى وقت لا يتسع للعمل.
(قوله): «وإلا فالمقيد المتأخر» لا المطلق في الأصح ناسخ على قياس ما تقدم.
(١) لكن شرط الماوردي والروياني أن يكون القيد معمولاً به، نحو: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ ..} الآية [النساء: ٤٣]، فالمرض والسفر شرط في إباحة التيمم، فأما إذا لم يكن معمولا به فلا يحمل عليه المطلق قطعاً، كقوله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ}[النساء: ١٠١]، فليس الخوف شرطاً في القصر. وإهمال الأصوليين هذا الشرط إنما هو لوضوحه. (من بعض حواشي شرح المحلي على الجمع).
(٢) قال أبو زرعة في شرح الجمع: يحمل هنا المطلق على المقيد جمعاً بين الدليلين، ويكون المقيد بياناً للمطلق، أي: يبين أنه المراد منه.
(٣) استظهاره بكلام الفناري يدل على أن الصحيح خلاف ما نقل البرماوي، وخلاف ما مضى له أيضاً من قوله: كالبناء، وقوله: والخلاف هنا كالخلاف هناك؛ لتضمنه رواية الموافقة على حمل المطلق على المقيد مع تأخر المطلق. (قال في الأم: كاتبه عبدالله بن علي الوزير).
(٤) الظاهر أن يقول: الخاص. (من نظر السيد ضياء الدين زيد بن محمد بن الحسن |). ليوافق ما تقدم في بناء العام على الخاص، ولأن المخصص من ثبت له التخصيص، وقد فرضناه ناسخاً فلا تخصيص به فافهم.
(٥) وهو الذي عارض فيه العام.
(٦) في نخ: تقديم.