[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  في أن المطلق يحمل(١) عليه، ويفرقون بين تقدمه وتقدم الخاص بأن المطلق المتأخر ساكت عن منافاة المقيد، بخلاف العام المتأخر، وينبغي أن يعلم أن ذلك فيما إذ اكان الإطلاق والتقييد في غير السبب الموجب، أما إذا كان فيه مثل: أدُّوا(٢) عن كل حر وعبد(٣)، أدُّوا عن كل حر وعبد من المسلمين، فعند أبي حنيفة لا يحمل المطلق على المقيد؛ لجواز أن يكون المطلق سبباً والمقيد سبباً آخر، والحق التعميم(٤)؛ لئلا تبطل فائدة قيد المقيد.
  ثم إن المثال المذكور ليس من باب تقييد المطلق، وإنما هو من باب تخصيص العام بمفهوم الصفة، وهو على أصلهم(٥) مستقيم؛ لأنهم لا يثبتون العمل بالمفهوم.
  ومن أمثلة المسألة قوله تعالى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ}[المائدة: ٨٩]، مع قراءة ابن مسعود ¥(٦)، أما عندنا فلمثل ما تقدم في تجويز تخصيص الكتاب بالسنة الآحادية، وأما عند الحنفية فلكون قراءة ابن مسعود مشهورة، وروي عن
(قوله): «ساكت عن منافاة المقيد» هذا في المثبتين، وأما في المنفيين فهما من باب العام والخاص.
(قوله): «مع قراءة ابن مسعود» حيث قرأ متتابعات.
(١) من حمل المطلق على المقيد قوله ÷: «من ملك ذا رحم عتق عليه»، مع قوله ÷: «من ملك ذا رحم محرم» لاتحاد حكمهما، قاله في حاشية الفصول.
(*) وكأنه لهذا قال المحقق في شرح المختصر مشيراً إلى خلافهم ما لفظه: وقيل: ينسخ له إن تأخر المقيد.
(٢) أي: الفطرة.
(٣) فالحكم الأداء، والسبب كل حر وعبد، وكل حر وعبد من المسلمين. في حاشية: السبب الموجب هو ما بعد عن كالحر والعبد في المثال، والحكم الأداء.
(٤) أي: يحمل المطلق على المقيد في السبب وغيره.
(٥) أي: الحنفية.
(٦) متتابعات.