الباب الرابع من المقصد الرابع: (في المجمل والمبين)
  لأنهما إنشاء فلا يحصل من سماعهما دون البيان اعتقاد جهل، بخلاف الإخبار؛ لأن السامع إذا أخبر بعام اعتقد شموله، فيكون خطابه بذلك(١) إيقاعاً في الجهل، وإذا أخبر بمجمل لم يفهم منه شيئاً، فكان الخطاب به عبثاً، وليس كذلك الخطاب بالمجمل(٢) في الأمر والنهي؛ لأن العزم على الامتثال إذا بين يخرجه عن كونه عبثاً، واختار هذا القول بعض أصحابنا المتأخرين(٣).
  احتج (المجيز) لتأخير البيان إلى وقت الحاجة على الإطلاق: بأنه لو لم يجز لم يقع؛ لأن الوقوع فرع الجواز، لكنه واقع كثيراً، فمن ذلك أنه (تأخر بيان آية الخمس) وهي قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ(٤) فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ...} إلى قوله تعالى: {وَلِذِي الْقُرْبَى}(٥) [الأنفال: ٤١]، (بأن السَّلَب للقاتل)(٦) في قوله ÷:
(قوله): «بأن السلب للقاتل» متعلق ببيان آية الخمس، أي: بيانها لهذا، وهو أن السلب للقاتل.
(١) إن قيل: كثرة وقوع التخصيص قرينة مانعة من اعتقاد الشمول فلا فرق حينئذ. (شامي).
(٢) وكذا العام ونحوه.
(٣) محمد بن يحيى بهران.
(٤) العام لسلب المقتول وغيره. (من شرح جحاف).
(٥) العام لبنى هاشم وغيرهم. (شرح جحاف).
(*) قال العلامة الجلال: وأجيب بمنع عموم ذي القربى لغير بني هاشم؛ لأن القربى تأنيث الأقرب، والأقرب إلى النبي ÷ بنو هاشم، وأما قسمته لبني المطلب من الخمس فلأنه عللها بأن بني هاشم وبني المطلب لم يفترقوا في جاهلية ولا إسلام، فجعل القسمة لهم مكافأة على المناصرة، على أن هذا إنما يشكل على من يثبت العموم، وأما من يرى أن ذوي القربى مطلق لا يشكل[١] عليه تخصيص بني هاشم وبني المطلب بالخمس؛ لأن المطلق في كل أفراده حقيقة لا مجاز فيحتاج إلى البيان بالقرينة اهـ ويمكن أن يدفع بأنه لو كان القربى اسم تفضيل لم تصح إضافة ذي إليه، بل الظاهر أنها مصدر بمعنى القرب كبشرى. (منقولة).
(٦) السلب ما يكون على المقتول من سلاح وملبوس وفرسه التي هو راكب عليه، فلم يخمسه ÷. (من شرح ابن جحاف).
[١] في المطبوع: أشكل عليه. والمثبت من شرح الجلال للمختصر.