هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في جواز النسخ قبل إمكان الفعل]

صفحة 145 - الجزء 3

  عاصياً بالعزم على الفعل والترك، فيكون أسبق الخطابين موجهاً إلى العزم والآخر إلى الفعل، فلم يتواردا في محل⁣(⁣١)، فلا يؤدي إلى ما ذكرتم؛ لأنا نقول: وجوب العزم فرع على وجوب المعزوم عليه فإذا لم يجب لم يجب، فلا يطيع ولا يعصي به.

  سلمنا فالتعبير عن العزم بالفعل إِلْغَازٌ وتعمية؛ إذ لم يوضع له، ولا قرينة تدل عليه، ولو سلم لم يكن من النسخ في شيء؛ لاختلاف المتعلقين⁣(⁣٢).

  (وقولهم) في الاحتجاج على جواز النسخ قبل التمكن بأنّ (كُلَّ نسخٍ قَبلَ) وقتَ (الفعلِ)⁣(⁣٣) وهو ثابت بالاتفاق، فيلزم تجويزه قبل الفعل، بيان ذلك: أن التكليف بالفعل بعد وقته محال؛ لأنه إن فعل أطاع وإن ترك عصى، فلا نسخ، وكذلك في وقت فعله؛ لأنه فعل وأطاع به، فلا يمكن إخراجه عن كونه طاعة بعد تحققها.

  وهذا (غير النزاع) لأن النزاع في وقوعه قبل الوقت الذي قدره الشارع⁣(⁣٤)


(قوله): «ولو سلم» أي: لو سلم أن التعبير عن العزم بالفعل ليس بإلغاز لوجود القرينة على أن المراد العزم، فقول المؤلف #: لاختلاف المتعلقين وهما العزم والفعل غير مناسب لما ذكر من التسليم⁣[⁣١]، أعني تسليم أن التعبير عن الغرم بالفعل؛ لأن مقتضاه اتحاد المتعلق.

(قوله): «وهذا غير النزاع ... إلخ» قد عرفت أن المؤلف # بنى هذا الجواب على أن النزاع =


(١) في المطبوع: على محل واحد.

(٢) بيانه: أنه إذا قال: صل وأراد به اعزم على فعل الصلاة، ثم قال: لا تصل أي: اترك فعل الصلاة فالمأمور به العزم، والمنهي عنه الفعل، وهما مختلفان.

(٣) يريد قبل وقت فعل قد باشر مثله قبله، مثل صوم عاشوراء فإنه نسخ قبل وقت صوم عاشوراء في عام النسخ بعد مباشرة صومه في العام الأول. (عن خط السيد العلامة عبد القادر بن أحمد).

(٤) الذي يمكن فيه الفعل فعل فيه أم لا، لا قبل مباشرة الفعل، فأين أحدهما من الآخر؟ (شرح ابن جحاف).


[١] لا يخفى أنه مختلف بالحقيقة وإن اتحد صورة؛ لأنه مرة يراد به العزم مجازاً ومرة يراد به حقيقته، فكلام الشارع صحيح فتأمل. (إسماعيل بن محمد بن إسحاق ح).