هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)

صفحة 148 - الجزء 3

  حال حدوث الفعل، وأنه يصح التكليف بما علم الآمر انتفاء شرط وقوعه كما تقدم.

  وقوله: (ودعوى الوقوع باطلة) إشارة إلى شبهة ثالثة وجوابها، تقريرها: أنه قد وقع النسخ قبل التمكن، والوقوع فرع الجواز؛ فمن ذلك قصة إبراهيم #(⁣١) فإنه أمر بذبح ولده بدليل قوله تعالى: {افْعَلْ مَا تُؤْمَر}⁣(⁣٢) [الصافات: ١٠٢]، ولأنه أقدم على الذبح وترويع الولد، ولو لم يكن مأموراً به لكان ذلك ممتنعاً شرعاً وعادة، ونسخ عنه قبل التمكن⁣(⁣٣) من الفعل؛ لأنه لم⁣(⁣٤) يفعل، فلو كان عَدَم الفعل عند حضور الوقت لكان عاصياً. ومنه حديث المعراج فإنه


(١) فائدة: قال المؤيد بالله # في شرح التجريد في مسألة من نذر بذبح نفسه أو ولده ذبح كبشاً ما لفظه: فإن قيل: كيف يصح لكم الاستدلال بهذا وأنتم تقولون: إن إبراهيم # كان أمر بمقدمات الذبح ولم يكن أمر بالذبح؛ لامتناع نسخ الشيء قبل وقت فعله عندكم؟ على أنه إن صح أنه # أمر بالذبح أو مقدماته فشيء من ذلك لا يثبت الآن؛ لأنه لا خلاف أن من قال: لله علي أن أذبح ابني لا يلزمه مقدمات الذبح ولا الذبح، فكيف يستمر هذا؟ قيل له: لسنا نعلم عن أئمتنا تفاصيل ما سألت عنه من تكليف إبراهيم #، وإن كان الأصح عندنا وعند شيوخنا المتكلمين ما ذكرته في سؤالك من أنه # كان مأموراً بمقدمات الذبح. اهـ منه ما يلائم المقام.

(*) قد مر في أوائل بحث الأمر كلام في قصة إبراهيم فليراجع.

(٢) جزم المرتضى في كتابه النوازل أن إبراهيم # امتثل ما أمر به في إسماعيل # من الذبح وانقلبت السكين مرتين، وهو مراد الله منه، والعرب تقول: ذبح الشاة فانقلبت السكين، وكان يظن أن الذي أراده الله تعالى منه فري الأوداج، وإنما أراد الله تعالى منه إمضاء السكين. (من خط قال فيه: من خط المولى عز الإسلام محمد بن إسحاق، وقال: نقل من خط القاضي علي الطبري وقال: نقل من خط المفتي |).

(٣) لعدم حصول الوقت الذي أمر بالذبح فيه، وهو يوم النحر؛ إذ لو كان الأمر بالذبح للفور لكان قد عصى بالتأخير، ومثله⁣[⁣١] لا يعصي عمداً. (جلال).

(٤) فدل على أنه نسخ قبل حضور الوقت المضروب للذبح؛ إذ لو كان عدم الذبح بعد حضوره لكان عاصياً بالتأخير.


[١] أي: إبراهيم #.