(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)
  حال حدوث الفعل، وأنه يصح التكليف بما علم الآمر انتفاء شرط وقوعه كما تقدم.
  وقوله: (ودعوى الوقوع باطلة) إشارة إلى شبهة ثالثة وجوابها، تقريرها: أنه قد وقع النسخ قبل التمكن، والوقوع فرع الجواز؛ فمن ذلك قصة إبراهيم #(١) فإنه أمر بذبح ولده بدليل قوله تعالى: {افْعَلْ مَا تُؤْمَر}(٢) [الصافات: ١٠٢]، ولأنه أقدم على الذبح وترويع الولد، ولو لم يكن مأموراً به لكان ذلك ممتنعاً شرعاً وعادة، ونسخ عنه قبل التمكن(٣) من الفعل؛ لأنه لم(٤) يفعل، فلو كان عَدَم الفعل عند حضور الوقت لكان عاصياً. ومنه حديث المعراج فإنه
(١) فائدة: قال المؤيد بالله # في شرح التجريد في مسألة من نذر بذبح نفسه أو ولده ذبح كبشاً ما لفظه: فإن قيل: كيف يصح لكم الاستدلال بهذا وأنتم تقولون: إن إبراهيم # كان أمر بمقدمات الذبح ولم يكن أمر بالذبح؛ لامتناع نسخ الشيء قبل وقت فعله عندكم؟ على أنه إن صح أنه # أمر بالذبح أو مقدماته فشيء من ذلك لا يثبت الآن؛ لأنه لا خلاف أن من قال: لله علي أن أذبح ابني لا يلزمه مقدمات الذبح ولا الذبح، فكيف يستمر هذا؟ قيل له: لسنا نعلم عن أئمتنا تفاصيل ما سألت عنه من تكليف إبراهيم #، وإن كان الأصح عندنا وعند شيوخنا المتكلمين ما ذكرته في سؤالك من أنه # كان مأموراً بمقدمات الذبح. اهـ منه ما يلائم المقام.
(*) قد مر في أوائل بحث الأمر كلام في قصة إبراهيم فليراجع.
(٢) جزم المرتضى في كتابه النوازل أن إبراهيم # امتثل ما أمر به في إسماعيل # من الذبح وانقلبت السكين مرتين، وهو مراد الله منه، والعرب تقول: ذبح الشاة فانقلبت السكين، وكان يظن أن الذي أراده الله تعالى منه فري الأوداج، وإنما أراد الله تعالى منه إمضاء السكين. (من خط قال فيه: من خط المولى عز الإسلام محمد بن إسحاق، وقال: نقل من خط القاضي علي الطبري وقال: نقل من خط المفتي |).
(٣) لعدم حصول الوقت الذي أمر بالذبح فيه، وهو يوم النحر؛ إذ لو كان الأمر بالذبح للفور لكان قد عصى بالتأخير، ومثله[١] لا يعصي عمداً. (جلال).
(٤) فدل على أنه نسخ قبل حضور الوقت المضروب للذبح؛ إذ لو كان عدم الذبح بعد حضوره لكان عاصياً بالتأخير.
[١] أي: إبراهيم #.