هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)

صفحة 156 - الجزء 3

  سؤالهم من دونه منزلة السؤال عن سائر الأعضاء هل في مسها أو مس شيء منها وضوء، وذلك مما لا معنى له⁣(⁣١)، وحديث طلق رواه أحمد وأصحاب السنن والدارقطني، وصححه جمع من الحفاظ، ومما يشيد كون مثل هذا السؤال قرينة للنسخ ما رواه البخاري في الجامع الصحيح عن سعيد بن الحارث قلت لجابر: آلوضوء مما مست النار؟ قال: لا، وكاختلاف الصحابة في مسح النبي ÷ على الخفين أكان قبل المائدة أم بعدها.

  (أو قوله عليه الصلاة والسلام:) بأن هذا ناسخ وهذا منسوخ، إما صريحاً وإما بأن يذكر ما هو في معناه، نحو: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها⁣(⁣٢)، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم⁣(⁣٣)، ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء⁣(⁣٤) فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكراً»


(قوله): «ومما يشيد كون مثل هذا السؤال قرينة النسخ ما رواه البخاري» ينظر في تشييده لكون السؤال قرينة.

(قوله): «وكاختلاف الصحابة في مسح النبي ÷ على الخفين ... إلخ» هذا عطف على قوله: كما ذكره أصحابنا ... إلخ، يعني أن هذا من القرائن التي تعين الناسخ؛ فإن الحكم بالنسخ لرواية من روى أنها بعد المائدة من ذلك.

(قوله): «فزوروها» الإذن بالزيارة مختص بالرجال، لما روي أنه ÷ لعن زوارات القبور، وقيل: إن هذا الحديث قبل الترخيص، فلما رخص عمت الرخصة لهما.

(قوله): «ونهيتكم عن لحوم الأضاحي ... إلخ» أي: عن أن تأكلوا ما بقي من لحومها بعد ثلاثة أيام وأمرتكم بالتصديق بها، فأمسكوا، ذكره في شرح المشارق.

(قوله): «عن النبيذ إلا في سقاء ... إلخ» أي: عن إلقاء التمر ونحوه في ماء الظرف.

(قوله): «إلا في سقاء» أي: إلا في قربة، إنما استثناها لأن السقاء يبرد الماء فلا يشتد ما يقع فيه اشتداده في الظروف، ذكره في شرح المشارق، وهذا التأويل بناء على أنه أراد بقوله: في الأسقية ما يعم الظروف.


(١) ذكره في التلخيص.

(٢) رواه مسلم من حديث بريدة.

(٣) ما بمعنى المدة، وفاعل بدا عائد إلى مصدر فأمسكوا. (شرح مشارق).

(٤) عن أبي هريرة عن نبي الله ÷ أنه قال لوفد عبد القيس: «لا تشربوا في نقير ولا دبا ولا حنتم ولا مزفت». قلت: النقير أصل النخلة تنقر ويتخذ منه ظرف. والدبا: القرع =