هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[طرق معرفة الناسخ من المنسوخ]

صفحة 155 - الجزء 3

  كما يقبل الشاهدان في الإحصان وإن ترتب عليه الرجم⁣(⁣١)، وشهادة القابلة في الولادة وإن ترتب عليها النسب⁣(⁣٢).

  وذهب الإمام المهدي⁣(⁣٣) أحمد بن يحيى # إلى أنه لا يعمل به إلا في الظني؛ لئلا يؤدي إلى ترك القطعي بالظني⁣(⁣٤)، وفيه: أن متواتر السند قد أسقط القطعَ ببقاء حكمه معارضةُ القطعي⁣(⁣٥)؛ للقطع بأن أحد المتواترين المتعارضين ناسخ والآخر منسوخ، فبيان الآحاد معين للناسخ المعلوم إجمالاً⁣(⁣٦)، والقطع رافِعُهُ قطع مثله.

  ونحو أن تقوم قرينة تعين الناسخ والمنسوخ ظناً، كما ذكره أصحابنا في حديث الوضوء من مس الذكر أنه يتعين كونه المنسوخ بقرينة السؤال عنه في حديث طَلْقٍ، فلولا أنه كان بلغهم حديث الوضوء منه لما سألوا عنه؛ لتنزل


(قوله): «متواتر السند» القطعي متواتر السند قطعي الدلالة، فينظر لم اقتصر على السند. والمعنى أن القطعي المعارض للمنسوخ القطعي قد أسقط القطع ببقاء حكم المنسوخ القطعي، فقوله: معارضة القطعي فاعل أسقط، والقطع مفعوله، وقوله: «للقطع بأن أحد المتواترين المتعارضين ناسخ» علة لكون معارضة القطعي مسقطة للقطع؛ وذلك أنا نقطع بأن أحد المتواترين المتعارضين ناسخ؛ إذ لا يجوز تعارض القطعيين في نفس الأمر مع بقاء حكمهما جميعاً.

(قوله): «المعلوم إجمالا» أي: من غير تعيين أن الناسخ هذا القطعي أو ذاك، بل يعلم أن أحدهما ناسخ؛ لما عرفت من عدم صحة التعارض بينهما مع بقاء حكمهما.

(قوله): «في حديث طلق» هو طلق بسكون اللام ابن علي بن طلق الحنفي، من بني حنيفة، وهو وأبوه صحابيان، قال: قدمنا على رسول الله ÷ فجاءه رجل كأنه يدوي فقال: يا رسول الله، ما ترى في مس الرجل ذكره بعد ما يتوضأ؟ فقال: وهل هو إلا بضعة منك، أو قال: مضغة.


(١) ولا يقبل ذلك في الرجم. (قسطاس). لأنه لا يترتب إلا على شهادة أربعة على الزنا. (منتخب).

(٢) ولا يقبل ذلك في النسب. (قسطاس). إذ النسب لا يثبت إلا بشهادة رجلين. (منتخب).

(٣) وتبعه صاحب الكافل.

(٤) لأنه إذا قبل خبر الواحد في كون هذا متقدماً وهذا متأخراً وعملنا بالمتأخر كان الناسخ في الحقيقة هو خبر الواحد؛ إذ لولاه لما وقع نسخ. (قسطاس).

(٥) في نسخ: معارضه القطعي، بالضمير.

(٦) وبيان المجمل يقبل فيه الآحاد.