هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[ما ليس طريقا إلى معرفة الناسخ من المنسوخ]

صفحة 158 - الجزء 3

  وقيل: إنه مقبول مع التصريح بالعلم في نسخ المظنون دون المعلوم، واختاره صاحب الفصول.

  وقال الشيخ أبو الحسن الكرخي: يكون قول الصحابي حجة إذا أطلق ذلك إطلاقاً، فقال: هذا منسوخ؛ لأنه لولا ظهور النسخ لما أطلقه. بخلاف ما إذا قال: نسخ بهذا، واعترض بأنه يجوز أن يكون أطلقه لقوة ظنه.

  وفي المسألة قول آخر: إنه يكون ناسخاً مطلقاً؛ لأنه لا يقوله إلا عن نقل غالباً، وهذا رأي من يرى التمسك بالأثر.

  (أو حداثته، أو تأخر إسلامه) فلا يعرف الناسخ بشيء من هذين الأمرين؛ لأن منقول متأخر الصحبة لحداثة السن أو لتأخر الإسلام قد يكون متقدماً، ومنقول متقدم الصحبة قد يكون متأخراً، فلا دلالة في ذلك على النسخ، اللهم إلا أن تنقطع صحبة الأول قبل صحبة⁣(⁣١) الثاني فيرجع إلى ما علم تقدم تأريخه.

  وهكذا قوله: (أو ترتب⁣(⁣٢) في المصحف، أو موافقة الأصل، أو أخفية


(قوله): «واختاره صاحب الفصول» إنما يختاره إذا لم يصرح بالناسخ⁣[⁣١].

(قوله): «من يرى التمسك بالأثر» لعله أراد بالأثر ما هو موقوف على الصحابي بناء على ما مر له # في الإجماع في بحث كون قول علي كرم الله وجهه حجة حيث قال في حاشية شرح ذلك البحث: وقال الفقهاء الخراسانيون: الأثر هو ما يضاف إلى الصحابي موقوفاً عليه، ذكره النووي في شرح مسلم.

(قوله): «وهكذا قوله أو ترتب في المصحف» يعني أن التأخر في المصحف قد يكون متقدم =


(١) قلت: لكن بشرط أن يقول متأخر الصحبة: سمعته من رسول الله ÷، وإلا جاز أن يكون سمعه من غيره؛ لثبوت رواية بعض الصحابة عن بعض. (جلال).

(٢) ليس في القران ناسخ إلا والمنسوخ قبله في الترتيب، إلا في آيتين: آية العدة في البقرة، وقوله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ}⁣[الأخزاب: ٥٢]، وزاد بعضهم ثالثة وهي آية الحشر في الفيء على رأي من قال: هي منسوخه بآية الأنفال {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ}⁣[الأنفال: ٤١]، وزاد بعضهم رابعة {خُذِ الْعَفْوَ}⁣[١٩٩]، يعني الفضل من أموالهم على رأي من قال: هي منسوخة بآية الزكاة. (إتقان).


[١] بأن يقول: هذا ناسخ اهـ وحينئذ يكون مختاره مثل قول الكرخي المذكور هنا اهـ يعني في شرح الغاية. (ح).