هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)

صفحة 195 - الجزء 3

  والحديث إنما دل على أن آية الميراث متأخرة وأنه لا يجتمع في المال حقان⁣(⁣١)؛ لتصديره بـ «إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه»، والوجه أن في قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ ..}⁣[النساء: ١١]، إشعاراً بأنه تعالى تولى بيان حق كل ذي حق من الأقارب بعد أن فوضه إلينا لعجزنا عن معرفة مقاديره كما قال تعالى: {لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا}⁣[النساء: ١١]، وأوضح ذلك الإشعار بالحديث.

  وتحريره: أن تقدير أنصباء الأقارب كان مفوضاً إلينا؛ لأنه المفهوم من قوله: {بِالْمَعْرُوفِ}⁣[البقرة: ١٨٠]، ثم أوجبها الشارع مقدرة في الآية، والمقدرة تنافي المفوضة، فنسختها.

  وعن الرابع بأن قوله تعالى: {مِنْ بَعْدُ}⁣[الأحزاب: ٥٢]، قيد في الحكم محكم في التأبيد، والحديث غير صحيح، ولو سلم فالنسخ بقوله: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ ..} الآية [الأحزاب: ٥٠]، وقولها: «أحل» ظاهر في أنه بالكتاب.

  وعن الخامس⁣(⁣٢) بأن المعنى لا أجد الآن، والتحريم في المستقبل لا ينافيه، ولو سلم فالحديث مخصص لا ناسخ.


(قوله): «بعد أن فوضه إلينا» يعني في آية الوصية.

(قوله): «من بعد» أي: من بعد ما اخترن الله ورسوله شكراً لهن على ذلك الاختيار، فأنزل: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ}⁣[الأحزاب: ٥٢].

(قوله): «محكم» أي: غير منسوخ.


(١) وصية وميراث.

(٢) وأجيب عن الخامس إما بمنعه، أي: بمنع كون الآية منسوخة، وهذا مذهب مالك. (مختصر وشرحه للجلال).