هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في أن الإجماع لا ينسخ ولا ينسخ به]

صفحة 197 - الجزء 3

  ولما امتنع بطلان الإجماع القاطع⁣(⁣١) كان الإجماع الآخر المفروض ناسخاً باطلاً لانعقاده على الخطأ، وأنه محال.

  (وإما ظني) والظني (لا يقابله) أي: لا يقابل الإجماع القطعي؛ للإجماع على تقديم القاطع على المظنون⁣(⁣٢)، هذا إن كان الإجماع المفروض نسخه قطعياً، وأما إذا كان ظنياً⁣(⁣٣) فالحجة الشاملة له وللقطعي قوله: (ولارتفاع النسخ بارتفاع الوحي) بموته ÷، والإجماع لا ينعقد إلا بعده عليه الصلاة والسلام؛ لأن قولهم في زمانه من دونه لاغ⁣(⁣٤)، ومع قوله أو تقريره الحجة في قوله أو تقريره لا في قولهم، فإذا انعقد الإجماع بعده لم يمكن نسخه بكتاب ولا سنة لعدمهما بعد وفاته، ولا بإجماع لأنه إن كان لا عن دليل فخطأ، أو عن دليل فيلزم تقدمه على الإجماع المفروض كونه منسوخاً، والناسخ لا يتقدم المنسوخ، والقياس شرطه عدم مخالفة الإجماع، مع أن التعبد به مقارن للتعبد بأصله، فيلزم تقدمه، وهو باطل.

  (قيل) في الاحتجاج للقائلين بالنسخ: (الإجماع) من الأمة في مسألة (على قولين) يقول بأحدهما طائفة وبالآخر الباقون (إجماع) من الكل (على أنها اجتهادية)⁣(⁣٥) على المجتهد المصير إلى ما أدى إليه اجتهاده منهما، وللمقلد الأخذ


(قوله): «لاغ» اسم فاعل كقاض، أي: لا غ قولهم.

(قوله): «فيلزم تقدمه على الإجماع» فكيف يكون ناسخاً للإجماع؟

(قوله): «على المجتهد» متعلق بالمصير⁣[⁣١].


(١) أي الأول المفروض منسوخاً.

(٢) لكن عرفت أن دلالة القواطع على الدوام ظنية، فلا قطع بالدوام. (جلال).

(٣) بما ذكره المؤلف يندفع اعتراض الشارح العلامة من أن الدليل المتقدم إنما يتم إذا كان الإجماع الذي فرض نسخه قطعياً.

(٤) في نسخة سيلان هكذا: لاغ، وكان في نسخته عوضه لا إجماع ثم صححه إلى ما حرر هنا.

(٥) وأنه سائغ لكل منهم مخالفة الآخر، فإذا أجمع أهل العصر الثاني على أحدهما كان هذا الإجماع ناسخاً للإجماع الأول؛ إذ تصير المسألة قطعية لا تسوغ المخالفة فيها لأحد، فيكون رفعاً للحكم الأول، وهذا هو النسخ، فيثبت نسخه والنسخ به. (شرح جحاف).


[١] الظاهر أن المصير مبتدأ خبره على المجتهد. (ح عن خط شيخه).