(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)
  (فالأول إما قاطع إلى آخره) أي: إلى آخر الدليل المذكور في منسوخيته، يعني أنه إذا لم يكن عن مستند منصوص فإن كان الأول قطعياً كان الإجماع على خلاف القاطع، وخلاف القاطع خطأ(١)، والإجماع معصوم عن الخطأ، وإن كان ظنياً(٢) لم يبق مع الإجماع على خلافه دليلاً؛ لأن شرط العمل به رجحانه وإفادته
(قوله): «فالأول إما قاطع» أي: الإجماع الأول المنسوخ[١].
(قوله): «الأول» أي: المنسوخ من الإجماع وغيره.
(قوله): «كان الإجماع» أي: الآخر المفروض ناسخاً.
(قوله): «على خلاف القاطع» وهو المفروض منسوخاً.
(قوله): «وإن كان» أي: الأول المنسوخ.
(قوله): «لأن شرط العمل به رجحانه وإفادته الظن، وقد انتفى بمعارضة القاطع، فلا يثبت به» أي: بالأول الظني «حكم» فيكون انتفاء حكمه لانتفاء شرطه لا لكونه منسوخاً؛ فلذا قال المؤلف #: فلا يتصور فيه بيان انتهاء ولا رفع، لكن يرد هاهنا مثل ما يأتي، وهو أن هذا منقوض بالآحاد؛ لأن شرط العمل بها عدم ظهور معارض راجح أو مساو، مع الاتفاق على جواز نسخها بالراجح، والذي يأتي هو قول المؤلف # في جواب شبهة المانعين عن نسخ القياس: قلنا: منقوض بالآحاد؛ لأن شرط العمل بها عدم ظهور معارض ... إلخ، وقد أشار المؤلف # هنا إلى ما يظهر به اندفاع هذا الإيراد بقوله: قلنا انعقاد الإجماع على خلافه - أي: الظني - يدل على بطلان الظن من أصله ... إلخ، وحاصله الفرق بين نسخ الظني من الكتاب والسنة يعني بغير الإجماع وبين نسخه بالإجماع، ففي الأول قد ثبت العمل بالمنسوخ قبل ظهور المعارض، وفي الثاني - أعني المنسوخ بالإجماع - انكشف بطلانه من أصله فلم يثبت به حكم حتى يرفع، لكن قول المؤلف # سابقاً: لأن شرط العمل به رجحانه وإفادته الظن وقد انتفى بمعارضة القاطع ... إلخ يقضي بأنه قد كان[٢] ثبت حكمه ثم انتفى لانتفاء شرطه، فلا يناسبه القول ببطلانه من أصله، وأيضاً في توجه السؤال على ما سبق خفاء؛ لأن قوله في السؤال[٣]: إذا ارتفع به صار نسخاً هو عين ما ادعوه بقولهم: فلا يثبت به حكم فلا يتصور فيه بيان انتهاء ولا رفع؛ لأن الحكم إنما انتفى لانتفاء شرطه، ولو أورد المؤلف # السؤال على وجه آخر بأن يقول: فإن قيل: هذا منقوض بالآحاد فإن شرط العمل بها عدم ظهور معارض راجح أو مساو مع الاتفاق على جواز نسخها بالراجح، =
(١) وهذا ظاهر المنع؛ مسنداً بما تقدم من أن القطعي غير قاطع في الدوام، والإجماع الناسخ له قطعي. (شرح جلال).
(٢) يقال: بعد الإجماع على موجبه قد صار قطعياً فينظر.
[١] شكل عليه، وعليه ما لفظه: الأول في عبارة المؤلف على عمومه فتأمل. (ح عن خط شيخه).
[٢] يحقق اقتضاؤه ذلك؛ إذ المراد أنه انتفى من أصله لا بعد ثبوته، وهو ظاهر. (حسن بن يحيى).
[٣] قال في بعض الحواشي هنا: قف وتأمل.