هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)

صفحة 211 - الجزء 3

  القطعي بعده ÷ كحجة ثالثهم، وهو ارتفاع النسخ بارتفاع الوحي، وحجته على امتناع نسخ القياس الظني في حياته وبعده ÷ كحجة المانعين مطلقاً، والجواب كالجواب.

  احتج (خامسهم) - وهو القائل بجواز نسخه بالقياس الأقوى لا بغيره - بما سبق من أن الحكم المستفاد من القياس كغيره من الأحكام الشرعية، فيجوز نسخه كما جاز نسخها (و) لكنه إذا كان الناسخ له (غير القياس) فإنه (يزيله) من أصله؛ لأن ذلك الغير إما نص وإما إجماع، ومن شرط صحة القياس أن لا يخالف نصاً ولا إجماعاً، فإذا وجد نص أو انعقد إجماع على خلافه زال لزوال شرطه، وزوال المشروط لزوال الشرط لا يسمى نسخاً (وغير) القياس (الأقوى) إما مساو أو مرجوح، والكل (ساقط) أما المساوي فلامتناع الترجيح من دون مرجح، وسقوط الأول لزوال شرطه لا للنسخ؛ لأن من شرط العمل بالقياس عدم ظهور المعارض كما سبق، وأما المرجوح فلاستلزام النسخ به تقديم المرجوح على الراجح.

  (قلنا:) بجواز نسخه بالنص و (لا إزالة مع التاريخ) المفيد لتأخر النص الناسخ عن أصل القياس مدة تسع العمل بالقياس المنسوخ كما سبق قريباً، ولو كان النص يزيل القياس من أصله على الإطلاق لوجب أن يزيله من أصله القياس الأقوى؛ لأن من شرط صحة القياس أن لا يخالف قياساً أقوى أيضاً⁣(⁣١).


(١) هذا في نسخ القياس بغيره، وأما نسخه لغيره كما لو ثبت بنص أن الاعتكاف مفتقر إلى النية، أو بقياس كأن يقال: الاعتكاف عبادة فيفتقر إلى النية كسائر العبادات، ثم ثبت بعد ذلك النص أن الوقوف بعرفة لا يفتقر إلى النية، فيقاس الاعتكاف عليه ويقال: لبث في مكان مخصوص فلا يفتقر إلى النية كالوقوف بعرفة، فهل يصح ذلك ويكون هذا القياس ناسخاً للنص أو القياس المتقدمين أم لا؟ فيه خمسة أقوال، أولها: مختار أئمتنا $ والجمهور المنع. (شرح غاية لجحاف).