(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)
  الأصل كونها غير واجبة فيه بالنذر، وحكم الفرع وجوب الصوم فيه بغير نذر، بمعنى أنه شرط في صحته، وعلته وجوبه بالنذر، فافترقا حكماً وعلة.
  مثال آخر: لما صح الوتر على الراحلة كان نفلاً، كصلاة الفجر لما لم تصح عليها لم تكن نفلاً، فالأصل صلاة الفجر، والفرع صلاة الوتر، وحكم الأصل كونه غير نفل، وعلته عدم صحته على الراحلة، وحكم الفرع كونه نفلاً، وعلته صحته على الراحلة(١).
  وهذا الاعتراض مدفوع(٢) بأن قياس العكس ملازمة، بمعنى أنه قياس استثنائي مشتمل على ملازمة واستثناء، وحاصله في المثال الأول: لو لم يكن الصوم في صحة الاعتكاف شرطاً على الإطلاق لم يكن شرطاً عند النذر، لكنه شرط عند النذر بالاتفاق، فكان شرطاً على الإطلاق (والقياس) إنما هو
(قوله): «على الإطلاق» يعني ولو لم ينذر به.
(١) مثال آخر في النكاح بلا ولي: لما ثبت للولي الاعتراض عليها لم يصح منها النكاح، كالرجل لما لم يثبت[١] عليه الاعتراض صح منه النكاح.
(٢) وقد يجاب بما هو أوضح من هذا، وهو مساواة الصيام للصلاة في تساوي حكميه حالتي النذر وعدمه. (عضد). وحاصله أن الصلاة يتساوى حكماها حالة نذرها في الاعتكاف وحالة عدم نذرها؛ للإجماع على عدم وجوبها في الحالتين، فكذا الصوم يتساوى حكماه في الحالتين، وليس التساوي بأن يكونا عدم الوجوب للإجماع على الوجوب حالة النذر، فتعين أن يكونا ثبوت الوجوب. واعلم أن أصل الاعتراض هو أنه لا يوجد في قياس العكس ما هو تعريف القياس، أعني المساواة في علة حكم الأصل، والأجوبة المذكورة إنما تثبت المساواة في أمر آخر، لكنها تستلزم المساواة في العلة فيصدق الحد. (سعد). وقوله أولاً: بما هو أوضح قال السعد: لقلة مقدماته.
(*) وهذا الجواب المبني على أن هذا ملازمة والقياس لبيان الملازمة جار في جميع الأمثلة، مثلا لو لم يكن الوتر نفلا لما كان يؤدى على الراحلة قياساً على فرض الصبح، واللازم منتف، ولو صح النكاح من المرأة لما ثبت الاعتراض عليها قياساً على الرجل، واللازم منتف، فتعين أن يكون هو الجواب عن الاعتراض بقياس العكس على الإطلاق. (سعد). وذلك لأنه قد أجيب عن الاعتراض بثلاثة أجوبة سوى هذا الجواب ذكرها في المختصر وشرحه، وكلها غير مطردة في بقية الأمثلة.
[١] في المطبوع: لما ثبت. والمثبت من حاشية السعد.