(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)
  (لبيانها) يعني لبيان الملازمة، فإن دعوى الملازمة لا بد من بيانها بالدليل، فبينت بأن ما لا يكون شرطاً لشيء لا يصير شرطاً له بالنذر قياساً على الصلاة، فإنها لما لم تكن شرطاً للاعتكاف لم تكن شرطاً له بالنذر، فاشتمل قياس العكس على الملازمة وعلى القياس المحدود الذي لبيانها.
  فإن أراد المعترض خروج القياس الذي لبيان الملازمة عن التعريف فاعتراضه غير وارد (و) ذلك لأن (الاشتراك) في العلة والاستواء في الحكم (حاصل) على التقدير، فإنه على تقدير عدم اشتراط الصوم في صحة الاعتكاف يلزم أن لا يشترط في حال النذر، كما أن الصلاة لا تشترط في صحته مع النذر، فقد قيس عدم شرطية الصوم بالنذر على عدم شرطية الصلاة بالنذر بجامع كونهما غير شرطين، أحدهما في الواقع بالاتفاق، والآخر على تقدير أن يكون الصوم ليس شرطاً في الواقع (فهو) بهذا الاعتبار (داخل) في حد القياس (دونها) يعني دون الملازمة، وخروجها عن التعريف لا يضر؛ لكونها ليست بقياس عند الأصوليين.
  وقد ذهب القاضي عبدالله بن زيد من أصحابنا وغيره إلى أن ما يسمى قياس العكس ليس قياساً(١)؛ لمخالفته لطريقة القياس، قال ابن زيد: ولكنه طريقة صحيحة؛ لكونه راجعاً إلى طريقة المفارقة التي أثبتها بعض المتكلمين، وتحريره: أن الصوم والصلاة اشتركا في كونهما عبادة وافترقا في الوجوب بالنذر في الاعتكاف، فلا بد من فارق، وليس إلا أن الصوم يجب في الاعتكاف بغير نذر
(قوله): «بأن ما لا يكون شرطاً ... إلخ» كالصوم على فرض عدم وجوبه.
(قوله): «على التقدير» أي: الفرض؛ بأن يؤتى بحرف الشرط وهو لو.
(قوله): «بهذا الاعتبار» أي: الفرض والتقدير.
(قوله): «لكونه راجعاً إلى طريقة المفارقة ... إلخ» لكن طريقة المفارقة على مقتضى تحريره مشتملة على ما به الاشتراك ككونهما عبادة، وعلى بيان ما افترقا فيه، ولا دلالة في قياس العكس على ذلك.
(١) في المطبوع: لا يسمى قياساً.