هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في التعبد بالقياس]

صفحة 246 - الجزء 3

  التعبد بالقياس واجب بدليل العقل وبدليل السمع، وهذا مذهب المنصور بالله وأبي الحسين البصري والشيخ الحسن وحفيده والقفال.

  ومنها قوله: (أو سمعاً) يعني أن التعبد به إنما وجب من جهة السمع فقط، والعقل إنما هو مجوز للتعبد به لا موجب، وهذا مذهب الجمهور من أئمتنا $ والفقهاء والمتكلمين من العدلية وغيرهم.

  (و) منها: (المنع) من التعبد به (كذلك) يعني إما عقلا وسمعاً وإما سمعاً


= وأما المؤلف # فأجاب بما ذكره بناء على ما عليه أهل الحق من إثبات دليل العقل، ثم استدل ابن الحاجب للقائل بامتناعه بما ذكره المؤلف # من أنه لا يؤمن فيه الخطأ. المسألة الثانية: ورود التعبد به ووقوعه، وقد اختلف فيه أيضاً، فروى ابن الحاجب عن الأكثر أنه بدليل السمع، وهو إجماع الصحابة وغيره كما ذكره المؤلف #، وروى الإمام المهدي # عن الأكثر من متأخري أصحابنا أنه ورد التعبد به بدليل العقل والسمع، أما السمع فلما عرفت، وأما العقل فلما نقله المؤلف # عن أبي الحسين حيث قال: وحاصل الدليل العقلي الذي أورده أبو الحسين ... إلخ، فإن الإمام المهدي # أورده دليلا لأبي الحسين على وقوع التعبد بالقياس كما يدل على ذلك قوله في آخر الدليل: فتعين العمل بالظن، ولا معنى لوجوب العمل بالقياس إلا ذلك؛ إذ لو أراد وجوب التعبد بالقياس لقال: ولا معنى لوجوب إيجاب الشارع العمل بمقتضاه إلا ذلك. وأما المؤلف # فقد جعله دليلا لأبي الحسين على المسألة الأولى، أعني وجوب التعبد بالقياس، وليس كذلك، فإن الدليل على ذلك قد عرفته، وهو أنه لولاه لخلت وقائع، قال الإمام المهدي: وقيل: إنما ورد التعبد به عقلا فقط، فأما في الشرع فلم يرد لذلك نظير، وجعل هذا القول لداود وابنه والقاساني والنهرواني، قال الإمام المهدي #: وقيل: إنما ورد التعبد به سمعاً فقط، قال الحاكم: وهو قول مشائخنا وأكثر الفقهاء قال الحاكم ولم نعرف بالعقل أنا متعبدون به في الشرعيات، قالوا: لأنه لا يصح القطع بالعقل على تحريم النبيذ حيث قامت أمارة على أن علة تحريم الخمر الإسكار؛ إذ الأمارة تخطي وتصيب، قلنا: كما وجب اجتناب الحائط الذي قامت أمارة على سقوطه. إذا عرفت ما ذكرنا ظهر لك أن جمع الخلاف في مسألة التعبد بالقياس يمتنع معه تطبيق بعض الأدلة على بعض المذاهب، وذلك لأن بعضها لا يجري إلا في مسألة ورود التعبد بالقياس ووقوعه، كالاستدلال بقوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا}⁣[الحشر: ٢]، وبحديث ابن مسعود ومعاذ وبإجماع الصحابة، ومما يؤيد ما ذكرنا من أن هاهنا مسألتين أن أبا الحسين استدل على مذهبه في المسألة الأولى من جهة العقل بغير ما استدل به على مذهبه في المسألة الثانية، ففي الأولى استدل بأنه يلزم من عدم التعبد بالقياس خلو وقائع كما عرفت، وفي الثانية استدل بما عرفت من المنقول عن الإمام المهدي المشار إليه بقول المؤلف #: وحاصل الدليل العقلي ... إلخ، وقد جمع المؤلف # بين دليليه في مسألة وجوب التعبد بالقياس، وليس كذلك فتأمل، وإنما وسعنا الكلام في هذا المقام لما فيه من الخفاء والاشتباه، والله أعلم.

(قوله): «ومنها المنع كذلك» يعني إما عقلا أو سمعاً، قد نسب المؤلف # هذا القول إلى الإمامية والنظام وجماعة من المعتزلة، وذلك مستقيم؛ لأنهم منعوا التعبد بالقياس =