[مسألة: في التعبد بالقياس]
  عن النبي ÷ وأهل اللغة، ومن قول عمر ذم من ترك الأحاديث وعمل بالرأي، مع أن العمل به مشروط بعدم النص، ومن قول ابن مسعود القياس الفاسد؛ جمعاً بين النقلين.
  احتج (المانع) للتعبد به أما عقلاً: فبأن القياس الظني الذي وقع فيه النزاع طريق (لا يؤمن) فيه (الخطأ) وكل ما لا يؤمن فيه الخطأ فالعقل مانع منه، والمقدمتان بينتان.
  (قلنا:) ذلك (لا يفيد) المطلوب؛ لأنا لا نسلم أن منع العقل مما لا يؤمن فيه الخطأ إحالة له وإيجاب لنفيه، وكيف يحيل ما يكون طريقاً إلى تحصيل مصلحة للمكلف لا تحصل دونه، وذلك لأن التعبد بالقياس فيه مصلحة لا تحصل دونه، وهي ثواب المجتهد على اجتهاده وإعمال فكره في استخراج علة الحكم المنصوص عليه لتعديته إلى محل آخر على ما قال عليه الصلاة والسلام: «ثوابك على قدر نصبك»، بل غايته(١) ترجيح ترك سلوك طريق القياس على سلوكه إن لم يعارضه مرجح آخر، والمدعى هو الإحالة، فهو نصب للدليل في غير محل النزاع.
  (سلمنا) أن منع العقل عنه إحالة له بناء على أن ما يترجح تركه عقلا يمتنع التعبد به شرعاً (ففي البعض) يعني لا نسلم أنه يمنع من سلوك كل ما لا يؤمن فيه الخطأ، بل في البعض من ذلك، وهو ما صوابه مرجوح وخطؤه راجح، أما ما كان صوابه راجحاً فلا (إذ لا يؤمن) الخطأ (في الترك) له فيكون العقل موجباً للعمل به عند ظن الصواب.
(قوله): «القياس الظني» إنما قيده بالظني لأنه الذي وقع فيه النزاع كما صرح به سعدالدين.
(قوله): «أما ما كان صوابه راجحاً فلا» قال في شرح المختصر: فإن المظان الأكثرية لا تترك بالاحتمالات الأقلية، وإلا لتعطلت الأسباب الدنيوية والأخروية؛ إذ ما من سبب من الأسباب =
(١) أي: منع العقل.