هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في أقسام القياس بحسب اعتباراته]

صفحة 275 - الجزء 3

  العلة، بل وصفٌ ملازم لها، كما لو علل في قياس النبيذ على الخمر⁣(⁣١) برائحته المشتدة، أو حكمٌ من أحكامها، كقياس قطع⁣(⁣٢) الجماعة بواحد على قتلهم به بجامع الاشتراك في وجوب الدية عليهم، فإن وجوب الدية حكم لجناية العمد العدوان التي هي العلة، فوجوده دليل على وجودها، فسمي لذلك قياس الدلالة.


(قوله): «برائحته المشتدة» سيأتي بيان هذا المثال بقوله # فيما يأتي: والتحريم والرائحة توجبهما ... إلخ، وكان الأنسب تقديمه على قوله: أو حكم من أحكامها ... إلخ ليتصل بمثال الوصف، فإنه بيان له كما فعل ذلك في شرح المختصر، فإنه قدم مثال الوصف واستوفى البيان فيه وأخر التمثيل بقطع الجماعة بالواحد وأحال أكثر بيانه على ما قدمه في مثال الوصف، والمؤلف # فصل بين مثال الوصف وبيانه ببيان مسألة قطع الجماعة بالواحد، فاستوفى بيانها ثم عاد إلى بيان مثال الوصف، ولعل الوجه أن مسألة قطع الجماعة بواحد لما كانت أخفى قدمها ليستوفي بيانها ويحيل بيان مثال الوصف عليها باختصار كما ترى لظهوره، فهذا ما ينبغي أن يكون وجهاً لعدول المؤلف # عن عبارة شرح المختصر، لا يقال: إنه إنما يتم ما ذكرت بتقديم مسألة قطع الجماعة بواحد وبيانها ثم ذكر مثال الوصف وبيانه بعد ذلك - لأنه يقال: يحصل بذلك طول الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه فيلزم الخفاء والإلغاز، والله أعلم.

(قوله): «أو حكم» عطف على قوله: وصف، ظاهر شرح المختصر أن المثال الأول والثاني مما جمع فيه بوصف ملازم، وفي حاشيته للسعد أن المثالين جميعاً مما جمع فيه بحكم ملازم، فجعل الرائحة حكما ملازماً للعلة، وما ذكره المؤلف # من تسمية الأول وصفاً والثاني حكما أولى، والله أعلم.

(قوله): «قطع الجماعة بواحد» يعني إذا اشتركوا في قطع يده.


(١) الخمر كل في مسكر من عصير العنب، وما عداه من المايعة يسمى نبيذاً، ولا يسمى خمراً. وقيل: ما أسكر من الرطب وما كان من العنب، والنبيذ ما كان من المايعات. وقيل: ما خامر العقل، وقد يؤول على أنه أراد تفسير ما يجد شاربه لا الخمر التي ورد بتحريمهما النص فهي ما كان من العنب والرطب والبلح لا غير، فهذه هي الخمر التي ورد القرآن بتحريمها، وغيرها من المسكرات مقيس عليها في التحريم. (شرح جوهرة).

(٢) وتحقيق كيفية تركيب القياس أن نقول في قطع الأيدي بيد واحدة: جناية من جماعة توجب على كل واحد دية كاملة فلزم أن توجب القصاص عليهم كما أوجبته في القتل، وهاهنا أصل وهو القتل، وفرع وهو قطع اليد، وعلة وهي وجوب ديتها على كل واحد، وحكم وهو وجوب القصاص عليهم جميعاً، فإذا كان الفرع وهو قطع اليد قد شارك الأصل وهو القتل في العلة وهو لزوم الدية على كل واحد وجب أن يشاركه في الحكم، وهو القصاص. (منهاج).