هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في أن القياس يجري في الحدود والكفارات]

صفحة 292 - الجزء 3

  لا، ولا يكفي النظر في الجمل كالحدود والكفارات والرخص والعبادات والمعاملات (لما تقدم) من عموم الدليل الدال على حجية القياس من غير تخصيص ببعض الجمل دون بعض.

  (ونفاه) أي: نفى جريه في كل جملة من جمل الأحكام (نفاته فيما سبق) فحكموا بأن في الشرع جملا لا يجري فيها القياس، وهي الحدود والكفارات والرخص والتقديرات والأسباب والشروط (لا) أنه يجري (في كل فرد) من أفراد الأحكام الشرعية عند أكثر الناس، خلافاً لشذوذ فإنهم جوزوا جريه في كل فرد، بمعنى أن كلاً من الأحكام صالح لأن يثبت بالقياس بأن يدرك معناه، كوجوب الدية على العاقلة فإن له معنى يدرك، وهو إعانة الجاني فيما هو معذور فيه، كما يعان الغارم لإصلاح ذات البين بما يصرف إليه من الزكاة.

  والحق خلافه (إذ فيها ما لا يعقل معناه) كضرب الدية على العاقلة والقسامة ومعظم التقديرات، وما قيل في بيان معنى وجوب الدية على العاقلة مدفوع بأن


(قوله): «ونفاه» أي: نفى جريه في كل جملة «نفاته» أي: نفاة جريه أي القياس «فيما سبق» بيانه من الحدود والكفارات والأسباب والشروط وغيرها، فقوله: فيما سبق متعلق بقوله: نفاته معمول له، أي: ونفى نافي القياس في الحدود ... إلخ، وذلك لأنه يلزم من نفيه في الحدود مثلا نفيه في جمل من الأحكام، وليس المعنى أنهم نفوه في كل جملة فيما سبق؛ إذ لم يصرحوا فيما سبق بنفي جريه في كل جملة وإن أوهمت العبارة ذلك، لا سيما مع تفريع قوله: فحكموا على قوله: فيما سبق، فلو قال: ونفاه من خالف في الحدود وغيرها لا ندفع الإيهام. واعلم أن المؤلف # فيما سبق قد روى الاتفاق على أن التقديرات لا يجري فيها القياس، وهي جملة من الأحكام، فينافي ذلك ما اختاره # هنا من جريه في كل جملة⁣[⁣١] فتأمل، والله أعلم.

(قوله): «ومعظم التقديرات» إنما قال: معظم التقديرات لأن فيها ما قد يعقل معناه ... [⁣٢].

(قوله): «وما قد قيل في بيان معنى وجوب الدية على العاقلة» هذا جواب عن قولهم: إن له معنى يدرك، وهو إعانة الجاني وقوله: «مدفوع بأن المطلوب معنى يختص بمناسبتها» بيانه أن المعنى المذكور - وهو الإعانة - لم يثبت اختصاصه بمناسبة العاقلة، بل يناسب غيرها، فإن مجرد الإعانة للجاني معنى يناسب وجوب الدية عليها وعلى غيرها أيضاً، والمطلوب معنى يختص بمناسبتها ليكون ذلك المعنى مخصصاً للعاقلة بوجوب الدية عليها دون غيرها، ولم يعقل هذا المعنى المتصف⁣[⁣٣]، وهذا هو معنى قول المؤلف #: فالمعنى المخصص لكل أي لكل فرد⁣[⁣٤] بحكم من الأحكام.


[١] ويجاب بأن المراد أنه لا يجري في معظم المقادير لا جميعها كما ذكره هنا، أو يقال: إن الجملة التي يجري فيها التقديرات مطلقاً وإن امتنع في بعضهما كمقادير الحدود، والله أعلم. (حسن بن يحيى عن خط العلامة السياغي |).

[٢] (قوله): «لأن فيها ما قد يعقل معناه» بعد هذا بياض في الأمهات.

[٣] بالاختصاص. (منه ح).

[٤] لعله يعني منهما، أي: من المطلقة والمميتة. (حسن عن خط العلامة السياغي |).