هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[المسلك الثاني: النص]

صفحة 400 - الجزء 3

  [المائدة: ٣٨]، وسره⁣(⁣١) أن الفاء للترتيب، والباعث مقدم عقلاً متأخر خارجاً، فجوز ملاحظة الأمرين ودخول الفاء على كل منهما، والفاء لم توضع للعلية، بل للترتيب، ثم يفهم منه العلية بالاستدلال، فمن جهة كونها للترتيب بالوضع جعلت من أقسام ما يدل بوضعه، ومن جهة احتياج ثبوت العلية إلى النظر جعلت استدلالية لا وضعية صرفة، فكان ما دخله الفاء مرتبة دون ما تقدمها، هذا إذا كان (في لفظه عليه) الصلاة و (السلام) أي: وارداً⁣(⁣٢) على لسانه من الكتاب والسنة.

  (ثم) ما دخلت فيه الفاء (في لفظ الراوي) نحو: سها فسجد، فإنه يزيد هنا


(قوله): «وسره» أي: والحكمة في دخول الفاء تارة في الوصف وتارة في الحكم.

(قوله): «ملاحظة الأمرين» أي: تقدم الباعث في العقل وتأخره في الخارج⁣[⁣١].

(قوله): «ودخول الفاء» عبارة شرح المختصر: دخول الفاء بغير واو وهي أولى⁣[⁣٢].

(قوله): «على كل منهما» أي: الحكم والعلة.

(قوله): «ثم يفهم منه» أي: من الترتيب.

(قوله): «بالاستدلال» والنظر في الكلام بأن هذا ترتب حكم على الباعث المتقدم عليه عقلا، أو ترتب الباعث على حكمه الذي يتقدمه في الوجود، فمن جهة ... إلخ.

(قوله): «نحو سها فسجد» قال السعد: فإن قيل: الفاء في هذا القسم داخل في الحكم دون الوصف، مع أن الراوي يحكي ما كان في الوجود، قلنا: الباعث قد يتقدم في الوجود أيضاً كما في قعدت عن الحرب جبنا انتهى، وكذا السارق والسارقة فاقطعوا.


(١) السر العلة كما في شرح الفصول حيث ذكر العلة، وفي السعد: الحكمة، وهي بمعنى العلة أيضاً. (عن خط السيد العلامة عبدالقادر ابن أحمد |).

(٢) في المطبوع: أي إذا ورد.


[١] ولا يخفى أن هذا الحكم ليس بكلي إذ كثيراً ما يكون الباعث متقدما في الخارج ومنه قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا}⁣[المائدة: ٣٨]، وقوله: «سها فسجد»، و «زنى ماعز فرجم». (سعد).

[٢] إنما كانت أولى لأن الظاهر أن الملاحظة هي المجوزة للدخول، ويفهم من قوله: أولى أن لكلام الشارح | وجه صحة، وهو كذلك؛ فإنه إذا كان جُوز من المجهول كانت الملاحظة نائباً، وما عطف عليه كالتفسير، لكن لما كان فيه ما عرفت من عدم ثبوت عطف التفسير في غير كلام المؤلفين من البلغاء كان مرجوحاً بالنسبة إلى الأول. (محمد بن زيد | ح).