[طرق العلة]
  احتمال غلط الراوي في الفهم، ولكنه لا ينفي الظهور(١)، فكان مرتبة دون ما سبقها.
  والوجه في كون هاتين المرتبتين دون المرتبة الثانية ما أفاده بقوله: (لأن دلالتها على العلية لا بالوضع) كما عرفت شرحه، ومنه يعلم بطلان ما في المحصول أن قوله: «فإنه يحشر ملبياً» إيماء؛ فإن العلية تفهم من الفاء لا من الاقتران.
  وقد اختلف في إنَّ المكسورة المشددة إذا وقعت في مقام التعليل نحو: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}[يوسف: ٥٣]، و «إنها من الطوافين»، فقيل: من النص من المرتبة الثالثة؛ لأن اللام مضمر معها(٢) لا مقدر، والمضمر أنزل من المقدر، وقيل: من الإيماء؛ لأنها لم توضع للتعليل، بل لتقوية وقوع مطلوب المخاطب ومترقبه، ودلالة الجواب على العلية(٣) إيماء، وفي كلام عبدالقاهر ما يرجح الأول حيث قال: إنها في هذه المواقع تغني غناء الفاء.
(قوله): «فإن العلية تفهم من الفاء» فكانت من أقسام الصريح، وهذا تعليل للبطلان.
(قوله): «لا من الاقتران» فلا يكون من الإيماء.
(قوله): «مضمر معها لا مقدر» إذ لو قدر لفتحت إن كما في أن بالفتح.
(قوله): «وفي كلام عبدالقاهر ما يرجح الأول» وقد استوفى الكلام في ذلك في المطول.
(١) قد مر أن ما دخله الفاء قسيم الظاهر؛ لفهمه من ثم، ولعل الظهور أعم مما دخله الفاء. (حبشي).
(٢) كأنه أراد بالمضمر المحذوف، وقد بين الجامي الفرق بين المقدر والمحذوف في حد الكلمة، فجعل المحذوف ما يتلفظ به في بعض الأحوال نحو الهلال والله، والمقدر ما لا يتلفظ به في حال نحو المستكن في قم، واللام لا يتلفظ بها مع المكسورة، ويجوز التلفظ بها مع المفتوحة مثل قوله: لأنك خير الناس في كل موضع. (عن خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد). فمقتضى المنقول عن الجامي أن اللام مع المكسورة مقدر لا محذوف.
(٣) لعله يريد أن الآية استئناف أوجب حذف العاطف، كأن سائلاً سأل فقال: لم لا تبرئ نفسك وأنت نبي معصوم؟ فقال: إن النفس، فهذا الجواب حكمه حكم الجواب في خبر المواقع.