[طرق العلة]
  المذكور للتعليل؛ لأن المراد(١) فهم العلية منه لا فهم عليته، والأول أعم من الثاني.
  ولما انجر الكلام إلى ذكر المناط وهو العلة توجهت الإشارة إلى أنواع النظر والاجتهاد فنقول: لما كانت العلة هي متعلق الحكم ومناطه فالنظر إما في تحقيق المناط أو في تنقيحه أو تخريجه، أما الأول فهو النظر والاجتهاد في معرفة وجود العلة في آحاد الصور بعد معرفتها في نفسها، سواء عرفت بالنص(٢) أو بالإجماع(٣) أو بالاستنباط، نحو أن يعرف أن الشدة المطربة مناط تحريم شرب الخمر بالاستنباط، فيكون النظر في كون النبيذ ذا شدة مطربة المظنون بالاجتهاد
= ولا يخرج بهذا عن كونه مثالا، وما ذكره المؤلف # دفع لما يقال: إذ ألغي الوقاع كما ذكرتم مع أنه الوصف المقترن به الحكم لم يكن الحديث مثالا لما نحن فيه وخرج عن المبحث، فأجاب بأن المراد بكون الوصف للتعليل فهم التعليل منه، فيصدق على كونه نفسه للتعليل وعلى كون غيره للتعليل كالإفساد؛ ولذا كان الأول أعم من الثاني كما ذكره المؤلف #، لكن يرد أن قولهم: لو لم يكن للتعليل ظاهر في أن المراد كون الوصف نفسه علة، اللهم إلا أن يكون التقدير لو لم يكن مفيداً للتعليل فيشمل الأمرين.
(قوله): «في آحاد الصور» أي: صور الفروع المتنازع فيها بين الخصمين هل هي موجودة فيها أم لا، كالنبيذ ونحوه مثلا.
(قوله): «بعد معرفتها في نفسها» أي: بعد معرفة أن علة الأصل وصف معين.
(قوله): «نحو أن يعرف» هذا مثال لمعرفتها بالاستنباط.
(قوله): «أن الشدة المطربة» هكذا في شرح المختصر في بحث شروط الفرع، وقيل: الأظهر أن يقال: إن الإسكار مناط ... إلخ، وقد سبق نظير هذه العبارة.
(قوله): «المظنون بالاجتهاد» المظنون صفة كون النبيذ ذا شدة، وقوله: «تحقيق المناط» خبر فيكون ... إلخ، ولعل المراد بالنظر يعني من المستدل والمعترض، وقوله: المظنون بالاجتهاد يعني عند المستدل؛ لئلا يرد أن المظنون بالاجتهاد إذا كان حاصلا عند المستدل والمعترض لم يحتج إلى النظر، ولو تعلق قوله: بالاجتهاد بقوله: بالنظر صح كون النظر والاجتهاد منهما والمظنون عند المستدل، ولم يتعرض شرح الجمع لما ذكره المؤلف #.
(١) بقوله: لو لم يكن للتعليل لو لم يفهم منه التعليل، فيكون معنى قولنا: لو لم يكن للتعليل لو لم يكن مفيداً للتعليل.
(٢) كما في جهة القبلة فإنها مناط وجوب استقبالها، وهي معروفة بقوله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}[البقرة: ١٤٤]، وكون هذه الجهة جهة القبلة مظنون. (شرح تحرير).
(٣) كالعدالة فإنها مناط وجوب قبول الشهادة، وهي معلومة بالإجماع، وأما عدالة شخص معين فمظنونة تعرف بالاجتهاد. (شرح تحرير).