هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الشبه]

صفحة 456 - الجزء 3

  (و) عرف أيضاً (بما يوهم المناسبة) وليس بمناسب، وهما متقاربان، ويتميز عن الطردي بأن الطردي وجوده كالعدم، كما يقال: الخل⁣(⁣١) لا تبنى عليه القنطرة أو لا يعيش فيه السمك فلا يزيل الخبث كالمرق⁣(⁣٢)، فإن ذلك مما ألغاه الشارع قطعاً، بخلاف الذكورة والأنوثة فإنه قد اعتبر في بعض الأحكام⁣(⁣٣). وعن المناسب الذاتي بأن مناسبة المناسب تعرف بالعقل وإن لم يرد شرع، كالإسكار⁣(⁣٤) للتحريم، فإن كونه مزيلاً للعقل الضروري للإنسان وكونه مناسباً للمنع منه مما لا يحتاج في العلم به إلى ورود شرع.

  مثال الشبه⁣(⁣٥) أن يقال: إزالة الخبث طهارة تراد للقربة فيتعين الماء لها كطهارة الحدث، فإن المناسبة بين كونها طهارة تراد للقربة وبين تعين الماء غير ظاهرة، ولكن إذا تعين وصف من بين أوصاف المنصوص لالتفات الشارع إليه دون غيره يتوهم أنه مناسب، وقد اجتمع في إزالة الخبث كونها قلعاً له وطهارة تراد للقربة، والشارع اعتبر الثاني في تعين الماء كما في الصلاة والطواف ومس المصحف اعتباراً في الجملة، أي: إذا كانت الطهارة للحدث، ولم يعتبر الأول في شيء من الصور، فكان الحكم بإلغاء غير المعتبر أنسب من الحكم بإلغاء المعتبر


(قوله): «وهما متقاربان» لأن إيهام المناسبة الحاصل من التفات الشارع إليه في معنى المناسبة بالتبعية، وحينئذ فالفرق بينه وبين الخيالي الإقناعي أن الإقناعي يتخيل فيه المناسبة ثم إذا حقق النظر ظهر عدمها؛ لأنه طردي، بخلاف الشبهي فإن إيهامه المناسبة - أي: ظنها فيه - لا تفارقه في نظر المجتهد، ذكره في حواشي الفصول، ثم ذكر أن معنى إيهامه المناسبة ظنها، فلا يرد ما قيل: إن الأحكام الشرعية لا تبنى شرعيتها على الأوهام.


(١) عبارة غاية الوصول: كما لو قال الشافعي في إزالة النجاسة بالخل إلخ.

(٢) أي: بخلاف الماء فتبنى القنطرة على جنسه فتزال به النجاسة، فبناء القنطرة وعدمه لا مناسبة فيه للحكم أصلاً، وإن كان مطرداً لا نقض عليه. (شرح محلي على الجمع).

(٣) كالقضاء والشهادة وغيرهما.

(٤) بخلاف المناسب الشبهي فإن مناسبته تعرف بدليل منفصل. (رفواً).

(٥) أن يقول المستدل على تعين الماء في إزالة النجاسة للصلاة. (جلال).