هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في الاعتراضات]

صفحة 469 - الجزء 3

  إلا إذا كان مساوياً⁣(⁣١) فإنه يبطل بالدليل؛ لأن انتفاء أحد المتساويين لا يكون بدون انتفاء الآخر.

  (و) الثاني: (النقض) الإجمالي⁣(⁣٢) (وهو منعه) أي: منع الدليل بجملته (بشاهد) يدل على الممنوعية؛ لأن حاصله دعوى أنه غير صحيح، فلا بد له من دليل كالتخلف واستلزام المحال.


(قوله): «إلا إذا كان مساوياً فإنه» أي: السند «يبطل بالدليل» ومعنى مساواته للمنع أن يكون مساوياً لنقيض المقدمة الممنوعة كما في قولنا مثلا: لا نسلم أن الأربعة زوج، لم لا يجوز أن يكون فرداً؟ فإن قولنا: الأربعة فرد مساو لقولنا: الأربعة ليست بزوج، فإذا ثبت أنه ليس بفرد ثبت أنه زوج، فتثبت المقدمة الممنوعة. ومعنى كونه أعم أو أخص أن يكون أعم أو أخص من نقيضها أيضاً، فمثال الأعم أن يقال في دليل مدعي هذا إنسان: لا نسلم أنه إنسان؛ لجواز أن يكون غير ضاحك بالفعل، فعدم الضحك بالفعل أعم من منع الإنسانية؛ لأنه كلما يوجد عدم الإنسانية يوجد عدم الضحك بالفعل، بدون العكس، كالإنسان إذا لم يكن ضاحكاً بالفعل، كذا في حواشي شرح الآداب. ومثال الأخص ذكره بعض المحققين من شراح الفصول، ولا يخلو عن تأمل.

(قوله): «لأن حاصله» أي: النقض «دعوى أنه» أي: الدليل «غير صحيح، فلا بد له» أي: المانع «من دليل» يدل على دعواه، وفي هذا إشارة إلى وجه اشتراط ذكر الشاهد في النقض لا في منع المقدمة كما عرفت.

(قوله): «كالتخلف» أي: كتخلف الحكم عن الدليل، وهذا مثال لدليل المانع.

(قوله): «واستلزام المحال» أي: وكاستلزام الدليل المحال، فيكون باطلا.


(١) لحاصل المنع، نحو لا أسلم كون هذا العنصري جماداً لجواز كونه نامياً، وإذا أبطل المستدل به النمو لزمت الجمادية، وأما إذا كان أخص من حاصل المنع نحو: لجواز كونه حيواناً لم يلزم من نفي الحيوانية إثبات الجمادية؛ لجواز كونه «فلزاً⁣[⁣١]»، أو كان أعم منه مطلقاً نحو: لجواز كونه جسماً، أو من وجه نحو: لجواز كونه أبيض - فأحرى أن لا يجدي المعترض، ولا يسوغ للمستدل إبطاله؛ لأن إبطاله يعود على مدعاه بالإبطال. (شرح جلال على الفصول). يتأمل فيما ذكر، فإن المراد بالسند المساوي ما يكون مساوياً لنقيض المقدمة الممنوعة، وبالأعم والأخص ما يكون أعم أو أخص من نقيضها، فالأولى في الأمثلة ما ذكره في حواشي الآداب.

(٢) والفرق بين النقض الإجمالي والمعارضة أنه يحصل بالمعارضة التوقف عن العمل بدليل المستدل، بخلاف النقض الإجمالي فإنه يحصل إفساد الدليل. (قال في الأم: اهـ من تحفة النواظر للسيد عبدالقادر بن أحمد |).


[١] الفلز: اسم جامع للجواهر كلها. (من حاشية الكشاف من أوائل الكلام على سورة سبأ).