النوع الرابع من الاعتراضات: [الوارد على العلة]
  أولها: (منع وجود العلة في الأصل) نحو: أن يقال في القتل بالمثقل: قتل عمد عدوان فيوجب القصاص كالمحدد، فيقال: لا نسلم أنه في الأصل قتل أو عمد أو عدوان، وجوابه إثبات وجوده بما هو طريقه من حس أو عقل أو شرع، فيقول المستدل: هو قتل حساً، وعمد عقلاً بأماراته، وعدوان شرعاً لتحريمه.
  ثانيها: (منع عليتها) يعني: منع كون ما ادعاه المستدل علة منعاً(١) مجرداً، وقد اختلف العلماء في قبوله، فذهب بعض إلى أنه لا يقبل لتمام حد القياس بأركانه (و) المختار قبوله(٢)؛
= وأما عدم المعارضة، وأما التأويل بأن العدم لما أضيف إلى المعارضة صح تأنيث ضميره فلا يصح؛ لفساد المعنى. وقوله: سؤال هو السؤال العاشر. واعلم أن المؤلف # ذكر المعارضة في الإجمال هاهنا وفي التفصيل كما يأتي، وهو أولى مما في شرح المختصر، فإنه ذكرها في التفصيل ولم يذكرها في الإجمال، بل ذكر في الإجمال الانعكاس على القول بأنه شرط، وقد اعترض كلامه. فإن قيل: لم قال المؤلف # في عدم المعارضة: فثبوتها سؤال، ولم يقل في عدم المفسدة: فثبوتها سؤال مع أن السؤال فيهما جميعاً هو الثبوت؟ لأنا نقول: لما انضم عدم المفسدة إلى ما الاعتراض به نفي - وهو الإفضاء إلى المصلحة والظهور والانضباط - غلبت على عدم التأثير، فيكون المعنى أن نفي عدم المفسدة سؤال بأن توجد المفسدة.
(قوله): «هو قتل حساً» ينظر في انتصاب هذا وما بعده[١]، وعبارة شرح المختصر: فلو قيل: لا نسلم أنه قتل قال: بالحس ... إلخ.
(قوله): «لتمام حد القياس» لأنه إلحاق بمعلوم بجامع، وقد حصل.
(١) وهو من أعظم الأسئلة أي: أصعبها على المستدل لعمومه جزئيات القياس؛ لأن العلة قلما تكون قطعية مجمع عليها، فلا يوجد قياس إلا ومنع علية الجامع فيه ممكن، وإذا اندفع المستدل إلى إثبات علية الوصف بمسالكه المتقدمة مع تشعب مسالكه من نص بأنواعه وإجماع وسبر وتقسيم ومناسبة وشبه ودوران ونحو ذلك ورد على كل من تلك الطرق سؤال ينعاق به المستدل عن الاشتغال بمطلوبه الأصلي الذي هو إثبات حكم الفرع. (مختصر وشرحه للجلال).
(٢) وإلا أدى إلى اللعب ومن المستدل بالتمسك بكل طردي لم تثبت عليته بأحد مسالك العلة، وأما الذين لم يقبلوا هذا المنع فإنهم قالوا: القياس رد فرع إلى أصل بجامع، وقد حصل، قلنا: بجامع يظن صحته، ولا ظن للصحة إلا ببيان شرط حصولها. (مختصر وشرحه للجلال).
[١] يقال: هو منصوب على الظرفية، أي: في الحس وفي العقل وفي الشرع. اهـ وفي حاشية: يقال: على التمييز أو الظرفية أو المصدرية أو الحالية. (حسن بن يحيى عن خط العلامة أحمد بن محمد السياغي |).