[الاستصحاب]
  والشافعية، خلافاً للمعتزلة(١) وجمهور الحنفية(٢) والقرشي من أصحابنا.
  قال العاملون: (لأن تحقق الشيء) في حال (بلا ظن معارض) طار عليه (يستلزم ظن البقاء)(٣) لذلك الشيء المتحقق (ضرورة) ولولا هذا الظن لما حسن من العاقل مراسلة من فارقه ولا الاشتغال بما يقتضي مدة كالحراثة والتجارة والقراض(٤) وإرسال الهدية والوديعة إلى بعيد، والظن متبع شرعاً لما مر (وأيضاً لو لم يكن طريقاً لاستوى الشك في الزوجية ابتداء وبقاء) والتالي باطل، أما الملازمة فلأنه لا فارق بينهما إلا استصحاب عدم الزوجية في الأولى واستصحابها في الثانية، فلولا اعتباره لاستوت الحالان، وأما بطلان اللازم فللإجماع على حرمة الاستمتاع فيمن شك في ابتداء حصول الزوجية وعلى حله فيمن شك في بقائها، وهكذا الكلام فيمن شك في ابتداء الوضوء وفيمن علمه
(قوله): «ضرورة» فيكون الاستدلال بقوله: ولولا هذا ... إلخ تنبيه على الضرورة، فلا تنافي.
(قوله): «متبع شرعاً لما مر» من الدليل على وجوب العمل بالظن.
(قوله): «لاستوت الحالان» أي: في التحريم والجواز.
(١) قد نقل الإمام يحيى # في الحاوي عن الجماهير من المعتزلة القول بالاستصحاب، فينظر فيما هنا، ولعله سقط لفظ بعض من عبارة المؤلف #.
(٢) في العضد: وأكثر الحنفية على بطلانه، فلا يثبت به حكم شرعي. قال السعد: كأنه يشير إلى أن خلاف الحنفية في إثبات الحكم الشرعي دون النفي الأصلي، وهذا ما يقولون: إنه حجة في الرفع لا في الإثبات، حتى إن حياة المفقود بالاستصحاب تصلح حجة لبقاء ملكه لا لإثبات الملك له في مال مورثه.
(٣) فإن قيل: لا نسلم أن أفعالهم إنما كانت لظن بقاء ما كان، وإنما كان ذلك منهم تجويزاً لاحتمال إصابة الغرض فيما فعلوا، كما يستحسنون الرمي إلى الغرض لقصد الإصابة؛ لاحتمال وقوعها، وإن كانت الإصابة مرجوحة لا راجحة، قلنا: احتمال الخطر ظاهر فيما ذكرناه، فلو لم يكن ذلك مع ظن البقاء لما أقدموا عليه على ما هو المألوف من أحوالهم، وإنما يجوز الإقدام لوهم الإصابة فيما لا خطر في فعله كما ذكرتم لقصد التدرب حتى تحصل الإصابة غالباً. (من النقود والردود).
(٤) أي: المضاربة، وهو توكيل في خالص نقد مضروب معين معلوم القدر بالتجارة ليكون الربح بينهما. (من النقود والردود).