[الاستصحاب]
  وشك في الحدث، ولذا حكم عليه الصلاة والسلام باستدامة الوضوء حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً.
  (و) قال الآخرون: (انحصار أدلة الشرع في النص) من الكتاب والسنة (والإجماع والقياس) يقتضي أن لا يثبت حكم شرعي بغيرها، والاستصحاب ليس منها(١)، فلا يحتج به في الشرعيات.
  وأجيب بأن ذلك مسلم (في ابتداء الحكم الشرعي) فلا يثبت الحكم ابتداء إلا بها، وأما في الحكم ببقائه فممنوع، بل يكفي فيه الاستصحاب، ولو سلم فلا نسلم انحصارها فيما ذكرتم، فإن النزاع في كون الاستصحاب أحدها.
  (و) قالوا ثانياً: لو ظن به البقاء لوقع (لزوم تقديم بينة النفي) على بينة الإثبات لتأيدها باستصحاب البراءة الأصلية. قلنا: مسلم (لو حصل الظن بهما) وتأيد أحدهما به، لكن الظن منتف في بينة النفي؛ لأنه لا يبعد غلطها في ظن الموجود معدوماً لعدم العلم به، بخلاف بينة الإثبات، ولأن للعلم بالإثبات
(قوله): «فلا يثبت الحكم ابتداء إلا بها وأما في الحكم ببقائه» فلا، فيندفع بهذا التقرير ما يقال: إن المثبت بالاستصحاب هو البقاء، وهو ليس بحكم شرعي.
(قوله): «قلنا مسلم لو حصل الظن بهما ... إلخ» قد يتوهم أن المؤلف # لم يذكر الظن في الملازمة حتى يمنع الملازمة بقوله: لو حصل الظن ... إلخ، وأن الأولى ذكر الظن بعد قوله: باستصحاب البراءة الأصلية، فيقال: فيحصل الظن ببينة النافي، وهذا الوهم ساقط؛ لأن المؤلف # قد ذكر الظن في قوله في الملازمة: قالوا ثانياً لو ظن به البقاء ... إلخ.
(قوله): «وتأيد أحدهما به» أي: بالاستصحاب.
(قوله): «لعدم العلم» بالموجود مع بنائه للنفي على استصحاب الأصل.
(قوله): «ولأن للعلم بالإثبات طرقاً قطعية» يعني أن المثبت يدعي العلم بالوجود، وللعلم بالإثبات طرق قطعية من الحس وغيره، بخلاف النفي فإن طريقه - وهو عدم العلم بالثبوت - ظني، قال السعد: وفيه منع ظاهر. واعلم أن قوله: لأن للعلم ... إلخ وجه لترجيح بينه المثبت، وما قبله وما بعده - أعني المعطوف عليه، وهو قوله: لأنه لا يبعد غلطها ... إلخ، والمعطوف، وهو قوله: ولأن إنكار الحق ... إلخ - وجهان لبيان انتفاء الظن عن بينة النافي، فلو فصل هذا وقال: وترجح بينة المثبت بأن للعلم ... إلخ لكان أولى.
(١) فلا يكون الحكم ثابتاً به، بل لعله ثابت بغيره. (رفواً).