هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الاستحسان]

صفحة 566 - الجزء 3

  في حق الناسي، أو إجماعاً كالاستصناع ودخول الحمام، وتخصيص أثر السلم وإجماع الاستصناع عموم حديث: «لا تبع ما ليس عندك» لا ينافي تمثيل الاستحسان بهما نظراً إلى معناه ومناط حكمه العام، أو ضرورةً كطهارة الحياض والآبار، أو قياساً خفياً، وأمثلته كثيرة.

  (وهذه) الأقوال (تنفي تحقق استحسان مختلف فيه) لرجوعها إلى الترجيح بين الأدلة الشرعية، وهو أمر متفق عليه، ولا حاجة بنا إلى فرض استحسان يصلح محلاً للنزاع ثم الاحتجاج على إبطاله.


(قوله): «أو إجماعا» عطف على أثراً.

(قوله): «كالاستصناع» أي: طلب الشخص أن يصنع له شيء من المصنوعات مع أن الأعيان من الصانع وهي معدومة، كالجلد من الإسكاف، وذلك بيع معدوم وإجارة، فالقياس أن لا يصح.

(قوله): «وتخصيص أثر السلم» مبتدأ، خبره قوله: لا ينافي تمثيل الاستحسان، وأثر السلم وإجماع الاستصناع فاعل تخصيص، وقوله: عموم ما ليس عندك مفعول التخصيص، وهذا الكلام إشارة إلى إيراد، تقريره أن الدليل الدال على جواز السلم والإجماع الدال على الاستصناع لم يقابلا ما دل على عدم جواز بيع المعدوم، وهو: «لا تبع ما ليس عندك» بل خصصاه، والتخصيص ليس من محل النزاع كما ذكره البيضاوي، فيكف صح التمثيل بهما؟ فأجاب بأن التمثيل بالنظر إلى معنى الحديث ومناط حكمه، أي: علة حكمه، وقوله: العام صفة لحكمه، فهذا الاستحسان يصدق عليه أنه مقابل للمناط والعلة.

(قوله): «أو ضرورة» بالنصب عطف على أثراً.

(قوله): «كطهارة الحياض والآبار» أعني بعد النزح، فإن القياس على سائر المتنجسات أنها لا تطهر بذلك، لكن طهرت ضرورة.

(قوله): «أو قياساً خفياً» عطف على إثراً، يعني أو كان الدليل قياساً خفياً، كسؤر سباع الطير، القياس الجلي يقتضي نجاسته عند الحنفية كسؤر سباع البهائم، وهو طاهر بالقياس الخفي؛ لأنها تشرب بمناقيرها، وهي عظام طاهرة.

(قوله): «وأمثلته» أي: الاستحسان، ويحتمل أن يريد أمثلة القياس الخفي.

(قوله): «لرجوعها إلى الترجيح بين الأدلة» أما على الأقوال الأربعة المتقدمة وكلام أبي الحسين فظاهر رجوعها إلى الترجيح، وأما على القول الخامس والسادس فالمردود منهما لا كلام في سقوطه، وأما المقبول منهما فمرجعه عند التأمل إلى الترجيح، وأما ما استقر عليه رأي المتأخرين فهو دليل من الأدلة، فرجوعه إليها لا إلى الترجيح بينها.

(قوله): «ولا حاجة بنا ... إلخ» كما فعله ابن الحاجب وغيره، فإنهم بعد أن ذكروا أنه لا يتحقق استحسان يصلح محلا للخلاف فرضوا تحققه واحتجوا على نفيه وردوا أدلة المخالف، حيث قالوا: فإن تحقق استحسان يصلح محلا للخلاف قلنا في نفيه إلى آخر ما ذكر، والأولى ما ذكره المؤلف # من أنه لا حاجة بنا إلى التكلم في أمر مفروض غير متحقق.