هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الاستحسان]

صفحة 565 - الجزء 3

  اجتهادي⁣(⁣١) غير شامل لوجه خفي أقوى هو في حكم الطارئ على الأول. واحترز بقوله: غير شامل من ترك العموم إلى الخصوص، وبقوله: في حكم الطارئ عن القياس المتروك به الاستحسان⁣(⁣٢)، وقيد الطاري بالحكم لأن المتأخر ظهور الوجه الاستحساني لا ثبوته كما يظهر بالضرورة أو النص.

  والذي استقر عليه رأي المتأخرين من الحنفية أن الاستحسان دليل يقع في مقابلة القياس الظاهر، سواء كان أثراً كالسلم والإجارة وبقاء الصوم مع المنافي


(قوله): «غير شامل» يعني كشمول الألفاظ.

(قوله): «لوجه» متعلق بترك، وقوله: «خفي» لم يذكر هذا القيد في المنهاج والفصول.

(قوله): «أقوى» احتراز عن العدول عن النص إلى القياس أو إلى نص أضعف؛ وذلك لأن الاستحسان هو العلم بحسن الشيء، والعدول إلى الأقوى مستحسن، أي: معلوم حسنه، بخلاف العدول إلى الأضعف.

(قوله): «وبقوله في حكم الطارئ عن القياس المتروك به الاستحسان» فإن ذلك ليس للاستحسان، بل هو عمل بغير الطارئ؛ لأن الاستحسان كالطارئ على القياس حيث لا يعمل إلا به بعد بطلان القياس، ذكره في المنهاج، ومثاله ما قالت الحنفية في سبق الحدث أي غلبته في الصلاة: القياس أنه كمن تعمد الحدث، إلا أنا استحسنا في سبق الحدث أنه لا يفسدها للخبر: «من سبقه الحدث فليخرج منها ويتوضأ ويبني على ما قد فعل» ثم إنهم تركوا الاستحسان فيمن احتلم في صلاته فقالوا: إنه لا يبني وإن كان وجه الاستحسان في سبق الحدث يقتضي ذلك؛ عدولا منهم إلى أصل القياس.

(قوله): «وقيد الطارئ بالحكم» أي: زاد لفظ الحكم حيث قال: في حكم الطارئ.

(قوله): «لأن المتأخر ظهور الوجه ... إلخ» بعد أن كان خفياً «لا ثبوته» فليس هو المتأخر؛ لأنه ثابت في نفس الأمر وأظهره الاجتهاد، فليس طارياً من كل وجه.

(قوله): «كما يظهر بالضرورة» أي: كالحكم الذي يظهر العلم به ضرورة بعد أن كان خافياً فإنه ثابت في نفس الأمر؛ إذ لو لم يكن ثابتاً لم يكن معلوما ضرورة، وكذا ما ظهر بالنص فإنه ثابت في نفس الأمر وإلا لم يكن معلوما.

(قوله): «في مقابلة القياس الظاهر» أي: الجلي الذي تسبق إليه الأفهام، كذا ذكره السعد، قال السعد: وهو حجة؛ لأن ثبوته بالدلائل التي هي حجة إجماعاً؛ لأنه إما بالأثر كالسلم ... إلخ.

(قوله): «سواء كان» أي: الدليل الذي هو الاستحسان أثراً ... إلخ.

(قوله): «كالسلم والإجارة» لأنهما بيع معدوم إما عين أو منفعة، فالقياس عدم صحة بيعهما.

(قوله): «وبقاء الصوم مع» حصول «المنافي للصوم في حق الناسي» والقياس أن يفطر كالحيض، واستحسنوا عدم الإفطار للخبر، وهو: «إنما أطعمه الله وسقاه».


(١) يعني: لا قطعي، وقوله: غير شامل، يعني: كشمول الألفاظ.

(٢) في بعض المواضع لقياس أقوى، فإن القياس ليس في حكم الطارئ على المتروك، بل القياس هو الأصل، فلا يسمى هذا القياس استحساناً. (حاشية فصول).