هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[تعريف الاجتهاد]

صفحة 571 - الجزء 3

  كانت ممارسته في زمانناً طريقاً إلى تحصيله، وهذا كله على القول بعدم تجزؤ الاجتهاد، وأما على ما هو المصحح من القول بجواز الاجتهاد في بعض المسائل دون بعض فشرطه معرفة ما يتعلق بالبعض المجتهد فيه، ولا يضر الجهل بما لا يتعلق به (واحتمال تعلق المجهول بها) أي: بالمسألة المجتهد فيها (لا يدفع الظن) الحاصل للفقيه؛ لأن المفروض حصول جميع ما هو أمارة في تلك المسألة في ظنه نفياً وإثباتاً، إما بأخذه عن مجتهد وإما بعد تقرير الأئمة الأمارات وضم كل إلى جنسه (فيتجزأ) الاجتهاد حينئذ.

  هذا، وأما مجتهد المذهب⁣(⁣١) فشرطه الاطلاع على أصول مقلَّده؛ لأن استنباطه


(قوله): «واحتمال تعلق المجهول» إشارة إلى شبهة المانع عن تجزؤ الاجتهاد، تقريرها أن كل ما يقدر جهله به يجوز تعلقه بالحكم، فلا يحصل له ظن عدم ما يكون مانعاً من الحكم الذي هو مقتضى ما يعلمه من الدليل؛ فأجاب المؤلف # بأن المفروض ... إلخ، وبما ذكرنا يظهر معنى قول المؤلف #: نفياً وإثباتاً، فإن النفي إشارة إلى عدم المانع، والإثبات إشارة إلى الدليل، ولو ذكرهما المؤلف # في تقرير شبهة المخالف لكان أولى. وقد أورد في حواشي الفصول أن المقلد إذا بحث في كل مسألة عن أدلتها وعمل بما يترجح له فيها لم يتميز عن المجتهد المطلق؛ إذ هذا شأن المجتهدين، ثم قال: وأجاب الوالد عزالدين بأن المجتهد في مسألة ليس له أن يستقل بالقول فيها⁣[⁣١]، وإنما هو تبع لغيره، فلو لم يكن لغيره قول البتة لم يعمل بما يترجح له، بخلاف المجتهد المطلق، وقد أشار في الفصول إلى هذا الجواب بقوله فيمن هو دون المجتهد المطلق: وإنما يجتهد في مختلف فيه، وليس له أن يستقل بقول في مسألة، بخلاف المجتهد المطلق.

(قوله): «إما بأخذه» إشارة⁣[⁣٢] إلى أن حصول الأمارة له بطريق الأخذ والتعلم من المجتهد لا ينافي الاجتهاد.

(قوله): «وأما مجتهد المذهب» قد سماه بهذا الاسم أيضاً الآمدي وصاحب الجمع، وذكره في حواشي شرح المختصر.

(قوله): «فشرطه الاطلاع على أصول مقلده» بفتح اللام أي: إمامه، والمراد أن تكون له ملكة الاقتدار على استنباط الفروع من الأصول التي مهدها الإمام، وذلك كالغزالي والرازي ونحوهما من أصحاب الشافعي، وهو في المذهب بمنزلة المجتهد المطلق في الشرع حيث يستنبط الأحكام من أصول إمامه، =


(١) لكن في كونه مجتهداً في الحكم الذي استنبطه بواسطة ما حصل له من القواعد بطريق التقليد نظر لا يخفى. (من أنظار السيد زيد بن محمد |). ومثل هذا في شرح المختصر للجلال، ولفظه: لكن هذا الجواب لا شيء؛ لأن حاصله أنه قلد الأئمة في البحث والتحرير، ومن لم يأخذ الحكم إلا عن ذلك فهو مقلد فيه وفي دليله.


[١] ما المانع من الاستقلال مع فرض أنه قد علم كل ما يتعلق بتلك المسألة. (ح محمد بن زيد).

[٢] سقط من المطبوع «إشارة» وأثبتناه من حاشية السعد.