هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[تعريف الاجتهاد]

صفحة 572 - الجزء 3

  على حسبها، ويسمى استنباطه لحكم جديد اجتهاداً في الحكم، ولدليل جديد للحكم المروي عن إمامه تخريجاً، وقد أطلق كثير من المتأخرين اسم التخريج على الكل.


= فلا بد أن يعرف مذهبه في أنه هل يعمل بخبر الواحد والقياس وما يختاره من مسالك العلة ومن المفاهيم وغير ذلك؛ لأن استنباطه للحكم بحسب أصول إمامه؛ فلا بد أن يكون مخرجاً للحكم بحسب ما يختاره من أصوله وقواعده، وكذا استنباطه لدليل جديد لا بد أن يكون من الأدلة التي يقول بها إمامه، كأن يكون ممن يقول بخبر الواحد والقياس والعام بعد تخصيصه ونحو ذلك حيث استدل بأحد هذه الأدلة. واعلم أن قول المؤلف #: على أصول مقلده أشمل من قولهم: إلا من عارف دلالة الخطاب ... إلخ وأولى؛ لإفادة عبارته # أن المقلد عارف بتلك الأصول والقواعد، بخلاف عبارتهم فإنها مطلقة عن التقييد ومختصة بدلالات الخطاب، والمراد التعميم.

(قوله): «وقد أطلق كثير من المتأخرين اسم التخريج على الكل» الذي في الغيث والفصول وغيرهما وهو مقتضى عباراتهم في الفروع إطلاق اسم التخريج على الأول⁣[⁣١] فقط؛ ولذا لم يتعرض في الفصول لذكر الثاني في هذا المقام.

فائدة: التخريج صحيح لا خلاف في إضافته إلى الإمام، وهو أن يعرف من جهة الإمام أو الإجماع أنه لا فرق بين المسألتين ثم ينص الإمام على حكم أحدهما، كأن يقول في اشتباه ثوبين أحدهما متنجس: يجتهد في ذلك، فيعرف أن حكم اشتباه طعامين عنده كذلك إذا عرف من جهته أنه لا فرق بينهما، أو ينص الإمام على علة في حكم وتوجد تلك العلة في حكم آخر، كأن ينص في بعض أنواع الحب على أن علية حرمة التفاضل هي الكيل، فيلحق به ما كان مكيلا. القسم الثاني مختلف فيه، وهو التخريج من مفهومات كلام المجتهد وعلى قياس قوله من غير نص منه على العلة، كأن يقول: من باع شقصاً له من دار فلشريكه فيه الشفعة، فيلحق به ثبوت الشفعة فيما لا يحتمل القسمة كالحانوت، وقد اختلف في كونه قولا يضاف إليه، فعند بعضهم لا يضاف إليه؛ وذلك لاحتمال أن يكون ما خرج له لا يخطر بباله ولا يريده، فكيف ينسب إليه ما لم يقل به؟ وبه قال المنصور بالله القاسم بن محمد عادت بركاته، وعند بعض أئمتنا يضاف إليه، واختاره في الفصول، قال: لكن مع التقييد بأنه تخريج؛ لئلا يوهم الكذب، وليتميز عن نصوصه كما هو عادة أبي طالب في التحرير، قال: ولذا صنف أبو العباس كتاب النصوص وبعض أصحابنا كتاب التخريجات، وقد ترك المتأخرون ذلك التقييد في التذكرة والأزهار وغيرهما من كتب الشافعية كالحاوى والإرشاد، قلت: وللدواري في التخريجات في الديباج كلام بسيط ينبغي اعتماده.


[١] وهو الاستنباط لحكم جديد، والثاني هو الاستنباط لدليل جديد للحكم.